إلى أن بلغت إلى آيت يزدك من برابرة الصحراء، فسمع الكل وأطاع وأدى ما لزمه إلا ما كان من آيت حلى فريق من آيت يوسى، فإنهم رفضوا طاعة عاملهم وامتنعوا من أداء الموظف عليهم، فأوقعت بهم الجيوش المخزنية وقعة شنعاء وقطعوا منهم رءوسًا عديدة علقت على أسواق فاس، إرهابا للعصاة أمثالهم، وزجرا لهم عن العود لخلع رداء الطاعة.
وقبضوا على عديد من المساجين وأتوا بهم للجلالة السلطانية بفاس، وأودعوا ببطون سجونها ولم يسعهم غير الإذعان والرضوخ للطاعة، فقبل المترجم توبتهم وأمن روعتهم، وألزمهم ولاية عاملهم الذى سلخوا ربقة طاعته من أعناقهم، وذلك أواخر صفر من السنة.
وفى هذا التاريخ أوقع القبض على عامل الغرب أبى عبد الله محمد بن عودة وولى مكانه ابن عمه القائد بوسلهام بن المصطفى المدعو الرموش، وأقام حفلة عيد المولد النبوى بفاس.
وفى أوائل محرم فاتح سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف بارح المترجم فاسا وأقام بمكناسة الزيتون ستة أشهر كملا، عزل في خلالها محتسبها السيد المختار بادو، وولى مكانه الحاج محمد أجانا، واحتفل لعيد المولد النبوى وليلته احتفالات عظيمة، ومد منوعات موائد الإنعام الشاملة للخاص والعام، وقدمت لجلالته عدة قصائد مولوية من سائر أدباء رعيته الشريفة، وسرد منها أمامه بمحفل غاص بالعلماء والأشراف والأعيان ووجهاء الوفود الغربية والحوزية.
فمما شنفت به الأسماع قصيدة الفقيه الأديب الكاتب أبى محمد عبد الواحد بن المواز ودونك لفظها.