فهذه جملة يعتبر بها غيرها استطردناها تنبيها على أن أمراءنا كان لهم الشغف بضبط ما ولوا عليه لو أسعدهم الدهر بولاة أهل كفاءة واقتدار مثل صاحب الترجمة.
[البيعة الحفيظية]
ولم يزل أمر الدولة ينحل، ونظامها يختل، إلى أن قام بعض رؤساء من أعيان القبائل الحوزية يدبر في رتق ذلك الفتق عسى أن ترجع المياه لمجاريها، فأداه اجتهاده إلى أن ذلك لا يتم إلا بجمع الكلمة على مبايعة الخليفة السلطانى الذى كان بين أظهرهم بالحضرة المراكشية في ذلك الحين وهو المولى عبد الحفيظ لحزمه ونجدته ونباهته وتيقظه وعلمه، فأعلنوا بنصره وخلع أخيه المولى عبد العزيز بمراكش صبيحة يوم الجمعة سادس رجب عام خمسة وعشرين وثلاثمائة وألف، وفى ذلك قال الأديب السيد عبد الله التادلى الرباطى مؤرخا:
قد بدا عبد الحفيظ المرتضى ... ملكا ما مثله قبل ملك
سأل الإقبال ما تاريخه ... قلت يا إقبال (بشر بالملك)
وأسباب الخلع والبيعة مبنية في صك بيعتهم التي وقعت بعد أخذ فتوى العلماء في المخلوع وكفاءته وتلت بيعة مراكش بيعة الجديدة وآسفى، إلا أنهما أعيدتا بعد لطاعة المخلوع.
ولما قدم المخلوع للرباط بنية استرجاع طاعة مراكش إليه أعلن بخلعه أيضا بفاس يوم الجمعة ثانى وعشرى قعدة الحرام عام خمسة وعشرين المذكور بعد استفتاء العلماء في شأنه وإفتائهم بوجوب عزله ليقضى الله أمرا كان مفعولا، ومن