للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نتيفة حيث رفضوا طاعة عاملهم عبد الله الزناكى، وأقام سُنَّة عيد الفطر بالزيدانية من أعمال تادلا، ولم يزل يظعن ويقيم إلى أن حل بثغر الرباط يوم الاثنين سابع عشر قعدة، وأقام بها إلى يوم الخميس سابع عشرى الشهر المذكور ولم يزل يطوى المراحل إلى أن دخل العاصمة المكناسية يوم الأربعاء رابع حجة متم عام ١٣٠٤.

وفى يوم الأحد خامس عشر رمضان ١٣٠٥ نهض من مكناس قاصداً القبائل البربرية بنى مجيلد وريان وغيرهم لتفقد الأحوال وإخماد نيران الأهوال التي أضرمها بنو مجيلد الذين سعوا في الأرض الفساد، وأهلكوا ضعفاء العباد، ولم تنلهم الأحكام السلطانية منذ وقعتهم الشنعاء مع السلطان العادل مولاى سليمان عام أربعة وثلاثين ومائتين وألف على ما سنوضحه بعد بحول الله الشهيرة عند الخاصة والعامة بوقعة سرور.

فمن ذلك العهد خلعوا ربقة الطباعة من أعناقهم، وتجردوا للسلب والنهب، وظنوا أن عصبيتهم لا تغلب، وتمنعهم بأوعار الجبال الشاهقة حام لهم من تحكيم سيوف العدل في رقابهم، فصار التوحش والهمجية خلقاً لهم به يفتخرون، واستحكم ذلك فيهم لا ينظرون إلَّا لما فيه مصلحتهم الشخصية وإن كان فيه خراب العالم، فإن احتاجوا لحجر لأثافى (١) قدورهم نقلوه من أضخم المبانى وأعتقها وأفخرها ولا عليهم في خرابها لأجل ذلك الغرض الخسيس، ويرون أن رزقهم تحت ظل مكاحلهم إذا تركوا السلب والنهب يموتون جوعاً، ووراء كل رأى من آرائهم الفاسدة عصبية وحمية جاهلية.

ولما تفاحش عيثهم واشتد أذاهم ولم ينفع فيهم تحذير ولا إنذار بل لا يزيدهم ذلك إلَّا عتوا ونفوراً وعصيانًا، سنح للمترجم كسر شوكة تمردهم وضلالهم وإرغامهم على الرضوخ للطاعة، والدخول فيما دخلت فيه الجماعة،


(١) الأثْفِيَّة: أحد أحجار ثلاثة توضع عليها القِدر، الجمع: أثافِىُّ، وأثافٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>