من فحول أهل العلم بفاس ومكناس وغيرهما من البلاد، وكان جل أخذه على طريق المذاكرة والمباحثة.
حاله: كان شعلة ذكاء ونباهة فقيها حازما ضابطا عفيف الأزار، طاهر الذيل، سياسيا آية في الدهاء وحسن التدبير كثير الصمت، محافظا على الطهارة والصلاة في أوقاتها مع الجماعة، صلبا في دينه، كثير الأذكار، حريصا على التعرف بالأخيار، طلق الوجه ظاهر البشر متواضعا بشوشا، ذا مكايد وحيل، مستبدا بالأمور، لا يشاور إلا فيما تتوقف الأنظار فيه على الأخذ برأْي غيره ذا حزم وعزم وثبات، مَجَالِسُه لا تخلو من العلماء ومذاكرتهم.
حجابته: تولي الحجابة عن الخليفة السلطاني بفاس المولى إسماعيل أخ السلطان المولى الحسن، ثم الحجابة لدى الجلالة الملوكية الحسنية، وفيها تدرب على الخدمة الملوكية وحنكته التجاريب وعلم من أين تُؤكل الكتف.
[إسقاطه وزارة الجامعيين وسبب ذلك]
ثم صار وزيراً صدرًا في الدولة العزيزية وفيها علا كعبه وارتفع صيته، وأوقع بأعدائه أولاد الجامعي واستنزلهم من وظائفهم، وذلك بعد أن قاسى أهو إلا وشدائد قيد حياة مخدومه الأعظم السلطان مولانا الحسن، كان اتهمهما بأنهما اللذان سعيا في إفساد ذات البين بينه وبين السلطان المذكور حتى انحرف عنه، وهمّ بالإيقاع به لولا أن المنية حالت بينه وبين ذلك والواقع خلاف ذلك كله.
وحقيقة الأمر أن السلطان مولاي الحسن لما ولى الحاج المعطي منصب الوزارة العظمى أنف المترجم من ذلك، إذ كان يرى أنه ليس بكفء لذلك المنصب وقد تحقق السلطان باستياء المترجم وإطلاقه لسانه بالطعن والتنقيص، وأنه قال: إن هذا الرجل فقد عقله يعني السلطان فأسرها في نفسه ولم يبدها له، وصار يحض الحاج