ذلك إلا من حظوظه المؤيدة، وسعوده الطالعة، ومجده المضاعف الناشر فخره على الأيام والليالى:
نبنى كما كانت أوائلنا ... تبنى ونفعل مثل ما فعلوا
فكم من مسجد وجامع جمعة وخطبة أُنشئ منذ جلوس جلالته على عرش أسلافه الكرام، وآبائه الهداة العظام، وإن أحجمنا عن عدها فلمعرفة الجمهور بها وانتصابها أمام جميع الأنظار، يشاهدها الخاص والعام، وحسبك منها المسجد الجامع المقام بأنحاء زمور الشلح بالمحل المعروف بـ (الخميسات) الذى أصبح عمرانه يتزايد بتزايد الإقبال عليه، ومضاعفة الحركة فيه، وناهيك إنه بمنزلة محطة من أكابر المحطات، وطريق من أوسع الطرق شأنا، وأبعدها مدى، يربط بين أقصى البلاد البربرية وشواهق جبالها الممتدة إلى أقصى حدود الأطلس البعيد، فهلا اعتبرنا ذلك من حسنات عصره الزاهر الذى أمكن أن نشاهد فيه ما لم يكن بالحسبان.
[اعتناؤه بنشر العلم وتسهيل سبله]
وكما اهتم بأمور الدين وإظهار شعائره وإقامة مبانيه، كذلك اعتنى بمسألة العلم والعلماء والطلبة وانتقد أسلوب التدريس الذى كان جاريا على عهده من تطويل ممل، واقتصار مخل، واشتغال بالقشور عن اللباب حسبما ترى في هذا الظهير الشريف الذى أصدره لقاضى مدينة فاس يأمره بجمع المدرسين وتنبيههم على خطأ ما جرت به العادة، وإرشادهم لنظام كفيل بالتحصيل والإفادة، ونصه:
"ولد عمنا الأرضى، الفقيه القاضى مولاى عبد الهادى، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد بلغنا توافر طلبة العلم على العادة، وجدهم في الطلب، غير أنه قل التحصيل والإفادة، وذلك لمخالفة الفقهاء في إقرائهم عادة الشيوخ، وإعراضهم عما ينتج التحصيل والرسوخ، فإن الفقيه يبقى في سلكة سيدى خليل نحو العشر