كلمة المؤرخين وعموم الباحثين والمحررين على سحب كلمة السلطان ونعت الملك عن كل قائم لا ينهض بأمر الدين، ولا يحفل بتعاليمه وأوضاعه المحببة إلى كل ذى فكر سليم ونفس شريف.
فمهما علا قدر الواحد واشتد ساعده يدعونه متغلبا ما لم يكن للدين من نظره نصيب، وللاهتمام به من رعايته قدر وافر، ولنرسل رائد النظر بعيدا منذ الفتح الإسلامى للآن على جميع الأصقاع النائية والدانية من مختلف أقطار المغرب وجهاته، فنرى كيف أن مناحية أو صقع مهما ضؤل شأنه وقل سكانه إلَّا وبه مسجد لإقامة الصلوات ومرجع عبادة وإنابة لأداء الفروض، وطلب غفران الخطايا، وتهذيب النفوس، وإصلاح الضمير.
ولم يخل قط عصر أو تاريخ لم تكن فيه كل قبيلة أو بادية تفرط في شأن من أمور دينها وتعليم شرعها، وكان الفضل الأول والأكبر في ذلك واستمراره لهداتها الأمراء الكرام والملوك الأعاظم، ولا سيما ملوك دولتنا الحاضرة الذين نقرأ لهم في هذا الباب صفحات بيضاء يبيض لها وجه التاريخ وتنار بها طلعة وجوهم على ممر الأعصار وتوالى الأيام، وما هذه الفصول المنتشرة بأغلب مراجع هذا التاريخ كله -ومنها ظهيرنا الواقفة هذه اليراعة عنده- إلا غيض من فيض، وقُلّ من كُثْر، من هذه العنايات المختلفة والرعايات المتشتتة بين مختلف دفاتر التاريخ.
أما مولانا السلطان الحالى المفتخرة بعصره الدنيا على كل العصور، فلم ينهج إلا نهج أسلافه الأكرمين، وسلفه من عظماء ملوكنا العلويين في الحث على إقامة أمر الدين وتنظيم معالم الإسلام في مناحية وجهة، ففى كل مرجع وموضع من الأنحاء المغربية يعطى لأمر الدين المقام الأول والمكان الممتاز، وإذا كان قد انفرد عصره الزاهى بإقامة شعائر الدين في مواطن جديدة وأماكن لم يكن تأسس بها مسجد من قبل لحدوثها بحدوث عمران إيالته المتسع، وانتشار نفوذ دولته الممتد في