الشهر وجه صاحب الترجمة صهره القائد محمد الزوين بن عبد الله الرحمانى بالهدية التي من جملتها السفن المذكورة.
وفى عام أربع ومائتين وألف، أمر حاجبه أبا عبد الله محمد قادوس أفندى بالإتيان إليه بما في بيت مال تطاوين، ووضعه بمكناس ولما ورد به إليها أحضر الأمناء ووضعه بمحضرهم في المحل الذى أمر بوضعه فيه.
وفى العام تفاحش أمر اليزيد نجل المترجم، واشتدت شوكته، وفى يوم الاثنين الثانى عشر من رجب نهض صاحب الترجمة من مراكش لينظر في أمر ولده المذكور، وفيه كان ابتداء المرض الذى كانت منيته به.
[محبته للعلم واعتناؤه بأهله]
لقد كان له رحمه الله اعتناء زائد زمن خلافته بمطالعة كتب الأدب والتاريخ والسياسة وأحوال العرب وأيامها ووقائعها وأنسابها حتى فاق في ذلك معاصريه، وصار المرجوع إليه فيه، قال الزيانى وغيره ممن عاصره وخالطه: كان يستحضر كل ما يطالعه حتى كاد أن يحفظ كتاب الأغاني برمته لا يعزب عنه منه إلا النادر.
ولما نال الخلافة العظمى عن جدارة واستحقاق، أكب على مطالعة كتب السنة وولع بسرد كتب السيرة والحديث، وصار لا شغل له بغيرها في أوقات فراغه من الأحكام وتدبير أمور الرعية، فحصلت له بذلك ملكة في السنة وأحكامها لم يلحقه فيها غيره، وجلب من المشرق ما لم يكن بالمغرب من مصنفاتها ذات البال، كمسند الإمام أحمد، ومسندى أبى حنيفة والشافعى، وغير ذلك من مهم المتون والشروح، وأمر علماء وقته بشرح مؤلف الصغانى الحديثى، فكان ممن شرحه الشيخ التاودي بن سودة.
وكان بعد صلاة الجمعة يجلس بمقصورة الجامع مع فقهاء مراكش ومن يحضر عنده من علماء المغرب الوافدين عليه يجالسهم إكراما لهم وتنويها بقدرهم