وإغاثة اللهفان، روى أنها جاءت يومًا وفي ذراعها جرح بندقة الرصاص، حدثتني أُمى رحمها الله تعالى أَن ابنة لصاحبة الترجمة كشفت عن ذراع أُمها في مجمع من النساء وقالت لهن انظرن ما في ذراع والدتى، فأنكرت عليها والدتها وسبت وجذعت.
وقد قدمنا أنَّه قيل: إن تسميتها فاطمة بإشارة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على والدها رضي الله عنه، ولما توفيت دفنت في بيت دارها قبلة المسجد الأعظم، وأَخبرت ابنتها أنها كانت ترى أصنافا من الوحوش والطيور في البيت صح منه بلفظه.
قلت: والدار المشار لها التي بها مدفن صاحبة الترجمة، هي التي حذو باب جامع الأموات أحد أبواب الجامع الأعظم بعاصمتنا المكناسية المعروفة اليوم بدار اللب، وقد كانت قبل عام واحد وأربعين وثلاثمائة وألف محكمة شرعية بالكراء من المحبس عليهم، ثم نقلت المحكمة منها وسلمت لملاك منفعتها فسكنوها ولم يزالوا بها إلى اليوم.
٥٤١ - فرج الأَنْدلسيّ أبو الفضل المكناسى الدار.
حالة: من المشايخ الملامتية، كان معاصرا للشيخ أبي عثمان سعيد بن أبي بكر المَشْنْزَائى، وكان شيخًا كبيرًا ملازما لفراشه كثير المكاشفة، لا يكاد يستر على أحد ما جناه، لسانه تغلب عليه الإمالة شأن كلام الأندلس في ألسنتهم، وتعتريه أحوال في بعض الأحيان، فيقول أطعمونى فيأتونه بكل موجود فيزدرد ذلك من غير مضغ ويبتلعه، وربما يبلغ ما يأكله المئون من النَّاس، ولا يعلم أحد أين صار ذلك، ولا يظهر له أثر في بطنه، وإذا رجع إليه حسه لا يأكل عشر المعشار من ذلك، وكانوا يرون أنَّه يصرف ذلك الطعام لأهل الفاقة في بلد آخر، وكان يخبر أصحابه بالوقائع قبل نزولها، وربما يحضر مع الغزاة في غزواتهم ثم يخبر أصحابه