حتى دفنت بروضة السيدة العلمية، واستيقظت ومن الغد وبعد الغد دخل بعض الفقراء وذكر لي أنه جاء من مكناسة وبلغنى السلام عن الإخوان هناك فسألته عن السيدة المذكورة، فقال لى: توفيت بالأمس رحمة الله عليها، ودفنت بروضة السيدة العلمية، وكانت لها جنازة عظيمة، فكان يصف لي وأنا أنظر في ذلك.
وفاتها: توفيت سنة أربع وتسعين ومائة وألف.
٣٥٧ - المصطفى الشريف العلوى المدغرى ابن محمد الكبير بن عبد الرحمن بن محمَّد، عبد الله بن محمَّد بن طاهر بن قاسم بن عبد العزيز بن الحسن بن يوسف بن مولانا على الشريف.
حاله: علامة مشارك، له معرفة بعلم الأوفاق وتجويد القرآن، حسن التلاوة خلو الشمائل، كريم الأخلاق، له معرفة بعلوم القراءات درس ابن برى وختمه مرتين، ثم حدث به مثل جذب واعتراه قلق وضيق صدر، فصار يطوف على أضرحة الصالحين ويتطارح على أبوابهم ويدعو بقوله: اللهم إنى أسألك بمشاهدة أسرار المحبين، وبالخلوة التي خصصت بها سيد المرسلين، حين أسريت به ليلة السابع والعشرين، أن ترحم قلبى الحزين، وتجيب دعوتى يا أكرم الأكرمين، ويكتب ذلك في أوراق ويلصقها بجدرات أضرحة الصالحين، ولم يزل ذلك شأنه حتى تيسرت له أسباب السفر لبلاده بالصحراء، فوجد شيخه العارف بالله مولاى المهدي نزيل أبار في مرضه الذي مات به، فلازمه إلى انتقل لوطن الرحمة محمود المساعى، وكان يحدث عن شيخه المذكور أنه لما قربت وفاته أكثر من تلاوة قوله تعالى: {... أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ... (٥٤)} [سورة الأعراف، آية ٥٤] ثم بعد وفاة المولى المهدي رجع لمكناس، وأقبل بكليته على القراءة تعلما وتعليما، ثم رحل لفاس وأخذ عن جهابذة نقادها الأعلام، ثم رحل لبلاده وذلك آخر العهد