كان في ابتداء أمره يحترف بصناعة الدباغة بجد واجتهاد وحزم وعزم، يلبس الثياب الرفيعة، ذا تؤدة ونخوة وافتخار، طوافا على حلق العلم، وكراسى الوعظ، متبعًا للسنة مستحضرًا للسيرة النبوية، حافظًا للأمداح المصطفية، يحفظ جل ما في سيرة الكلاعي من الأشعار، قال الزبادى في سلوك الطريق: إنه سمع منه أنَّه يحفظ من كلام ابن الفارض ستة آلاف بيت، وكثيرًا من كلام الششترى وغيرهما من كلام الصوفية.
مشيخته: أخذ عن سيدى محمد جسوس الحكم العطائية، وكان يباحثه ويعجب الشيخ بأبحاثه ويستحسن سؤالائه، وأخذ عن أبي محمد العربى بن أحمد ابن محمد فتحا بن عبد الله معن وغيرهما رحمهم الله جميعًا بمنه.
٢٩٠ - محمد بن هاشم العلوى الحرونى المكناسى الدار والإقبار.
حاله: فقيه بركة عفيف منيف، أستاذ فاضل جليل، محب في الصالحين معتقد لهم، صاحب الولى الكامل سيدى عبد القادر الشريف العلمي وانتفع به واغترف من بحر معارفه، حدث عنه أبو عبد الله محمد التاودى السقاط الفاسى في رحلته الموسومة بالمنح الوهبية، في الرحلة الحجازية، أنَّه أخبره أنَّه سمع من الشيخ يعنى العلمي المذكور أن كل سارية من سوارى جامع الزيتونة الشهير بولى وأوصاه بزيارة المسجد المذكور والمواظبة عليه، وأنه ذكر له أنَّه لازم الإمامة به في الصلوات الخمس أربعين سنة احتسابًا بالله تعالى، وأنه صلى به الضحى مرة وسأل الله بجاه النبي أن يجمع بينه وبين صاحب الوقت بالمسجد المذكور، فإنه لا يخلو من حضوره هناك وفق ما تلقاه من الشيخ المذكور، قال: فلما فرغت من الصلاة والباب مغلق وإذا بسيدى قدور بسارية بالقرب منه فأتى إليه فقال هو هذا الَّذي طلبت، يشير إلى نفسه.