للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بإثر هذا وقع اتفاق الوزراء على أنه لا يختص واحد منهم بإبرام شيء أو نقضه من كل ما يتعلق بالأمور السياسية والأحكام المخزنية إلا بعد اجتماعهم على ذلك واتفاقهم عليه، وكل من وقع منه استبداد بنقض أو إبرام. تجري عليه العقوبة الصارمة ويطرد من البساط الملوكي، وتعاهدوا على ذلك وتحالفوا، وكل من تولى أمر شيء يحلف يمينا مغلظة بالمصحف الكريم أنه لا يخون فيما أُسند إليه، ومن كان متوليا كذلك يحلف هذه اليمين حتى حلف سائر الموظفين.

كما اتفق رأْيهم على إنشاء الترتيب الجاري به العمل الآن فلم يتم أمر ذلك، إذ لم يكن وقع عليه اتفاق جميع الدول الأجنبية.

وظهر في قبيلة بني مسارة اختلال وانحراف عن الطاعة، وكذلك قبيلة بني عروس وغيرهما من القبائل الجبلية التي أفضى بها الحال والاشتغال بالمحال إلى أخذ صبي وصبية من أبناء الإسبان بنواحي أصيلا على وجه التعدي، فجهز السلطان جيشا لإرغامهم على الرجوع إلى الطاعة، ورأس عليه الشريف المولى عبد السلام الأمراني وعزره بالآغا (١) الحاج على السوسي بمن معه من العساكر، وما بلغوا أمنيتهم من الانتقام من جميعهم حتى طلع طالع نحس الفتان أبي حمارة بتازا.

[ثورة أبي حمارة]

ومن الأحداث العظيمة بعد وفاة المترجم الوزير أحمد بن موسى حادثة قيام الجيلاني الزرهوني المدعو أبا حمارة التي كانت أعظم حادث وأقوى سبب في فاس الدولة ووهن قوتها المادية والأدبية بل فشل ووهن المغرب كله.

أصل هذا الفتان المارق من مدشر أولاد يوسف أحد المداشر الشهيرة بجبل زرْهُون، قدم في أول أمره فاسا وانتظم في سلك أعوان القائد عبد الكريم ولد أب


(١) الآغا: كلمة تركية الأصل، تعنى: الأخ الأكبر، وفي اللغة التركية العثمانية تعنى: سيد ورئيس وقد منح هذا اللقب لكثير من الموظفين وبخاصة العسكريين.

<<  <  ج: ص:  >  >>