محمَّد الشركي، ثم انتقل للخدمة مع الخليفة اللسلطاني بفاس رفيقنا في الطلب أبي حفص عمر بن السلطان مولانا الحسن، وكان أيا خدمته مع الخليفة المذكور يرافق السيد المهدي بن العربي المنبهي.
ولما تولى المنبهي المذكور الخدمة مع صاحب الترجمة لم يزل يتقرب إليه حتى صار من أخص الناس به وأقرب أعوانه إليه لنباهته وحزمه وشدة ملازمته حتى حصل بعد وفاة المترجم على رتبة الوزارة، جاء الفتان المذكور إلى المنبهي زمن وزارته يمت إليه بسابقية التعرف والصحبة فلم يصادف منه قبولا حسنًا، فأقسم إذ ذاك الجيلاني الثائر يمينا ليرجعن أميرا، حيث صار رفيقه المنبهي وزيرا.
وخرج من حينه يجوب البلاد في صفة ناسك متقشف يدعو إلى الله ودخل الجزائر وجاب أكنافها وأكثر التردد بين وهران ومعسكر ولقي أبا محمَّد عبد القادر ابن عدة أحد شيوخ الطريق ثَمَّةَ، وذلك بمدينة غيلزان قرب مستغانم، ولازمه مدة فبث له هذا الشيخ من التعاليم ما صيره متأهلا لإيقاد نيران الفتن بالأرض المغربية وذلك عام تسعة عشر وثلاثمائة وألف.
وفي عام عشرين دخل وجدة على الصفة المذكورة، وتردد بين قبائل آنكاد وقرر لمن اتبعه ودخل في شبكة تدجيله مقاصده، ثم حل بثغر طنجة متخذا حلية المتصوفة شعارا، والتصنيع بزيهم دثارا، فتظاهر بين بعض بسطاء العقول بالنسك والخشوع، وربما قطع أمامهم ليله بالسجود والركوع، ومتر، قام للرقص معهم اعتراه ذبول وقوله، واصفرار وتدله، وأسمعهم من رقيق الأرجال، ما يطرب سامعه في الحال، وربما نطق بعبارات، كأنه من ذوي الإشارات.
ولما عزم على مبارحة طنجة راود من كان يجالس فيها من الخياطين على مصاحبته، ليكون من أعوانه وبطانته، فلم ينخدع الخياط لدعوته، ولم يتابعه في غوايته، فغادرها إلى الموضع الذي اختاره لنشر دعوته، وأظهر النأفف من الحكومة