المخزنية، وأنها ذات خضوع للتمدن الأوربي، واختلق أشياء من هذا القبيل توجب النفرة من الحكومة ورؤسائها فوجد من أولئك الرعاع الساذج آذانا صاغية وقلوبا قابلة لما يبذر فيها من البغض والعداوة للسلطان ورجال دولته.
وفي عام واحد وعشرين دخل مدينة فاس يتجسس الأخبار ويتطلع على الأحوال، ولقي بعض من له به معرفة وصداقة فعرفه بأن الملأ يأتمرون به وأن في ظهوره بالمدينة خطرًا، فخرج لقبيلة الحياينة حاملًا على أتان كتبا وأوراقا متلاشية، فصادف بالقبيلة المذكورة موسم أبي عبد الله محمَّد -فتحا- ابن الحسن الجاناتي معمورا بمجموع أعيان القبائل الزناتية من غياثة والتسول والبرانيس وغيرهم، فأخذ ينشر بينهم معايب الدولة ورؤسائها ويحبب لهم الخروج عليها، ورفض طاعة المخزن والسلطان ويرمي الجميع بالعار والشنار ويلصق بهم ما هم برآء منه.
فوجد من بسطائهم من اتبعه ونقل أقواله الكاذبة، ونشرها في الآفاق الشاسعة، فصادفت قلوبا خاوية، فتمكنت فيها العداوة والبغضاء للمخزن ورجاله وأصبحوا يسعون جهدهم وطاقتهم في الانتقام من السلطان وأرباب دولته، ويرون أن الخروج عليه وخلع ربقة طاعته من أعناقهم قربة وطاعة لله تعالى وخدمة للدين والوطن، ثم بعد الموسم انتقل لجبل غياثة ونزل على أهل الطاهر منهم.
وكان لهذا المعتدي الأثيم معرفة بفنون من السحر أضل بها كثيرا من الغوغاء، وصار يدعي أنه هو المولى محمَّد نجل السلطان المقدس مولانا الحسن وصنو السلطان المولى عبد العزيز، وأنه إنما يتستر باسم غيره خوفا على نفسه ممن استولى على ملك والده واستبد به واستعبد الرعية التي أمر الله السلطان بحمايتها ورعايتها والذب عنها والسعي وراء مصالحها، واشتغل ببيع دينه بدنياه، ومال كل الميل لشهواته ولذاته وتتبع أغراضه الشخصية، وفتح باب كنز زوره وبهتانه، وزعم