ومثلك من حامى وواسى وإننا ... على ثقة أن يحرز الحب والعطفا
سلام على ذلك المقام مضمخ ... بأطيب طيب عرفه يملأ السدفا
وأركى صلاة من حمى القدس يزدهى ... لها العرش والأملاك تستوعب الصحفا
وللآل والأصحاب أوفى تحية ... ننال بها من رينا العطف واللطفا
ولما دخلت سنة خمس وتسعين بقى مقيما بمراكش شفقة على رعيته لما دهمها في تلك السنة من حبس المطر وارتفعت بسببه الأسعار، وبلغ ثمن المد من القمح بمكناس أربعة عشر مثقالا، فضج الناس وافتتنوا وكاد أن يأكل بعضهم بعضا، وصار المرء يفر من أخيه وأمه أبيه، ويبيع الوالد ولده، ولا زال إلى الحين الحالى يضرب المثل بتلك السنة لا أعاد الله مثلها على الأنام، ولم تزل الأسعار في ارتفاع والوباء بالأقطار المغربية في انتشار والناس في شدة واضطرار مدة، ثم تجلى الله سبحانه لعباده بالعفو والأفضال، فاهتزت الأرض وربت وأخذت زخرفها وازيتت.
وفى هذه السنة كانت وفاة باشا طنجة القائد الجلانى بن حم وولى مكانه القائد عبد الصادق الريفى.
وفيه وقع الإذن لصنو المترجم وخليفته بتافيلالت مولاى رشيد وعميه المولى سليمان والمولى الحسين بالإتيان من مقرهم تافيلالت للديار الغربية بقصد صلة الرحم مع المترجم وبقية ذوى رحمهم بطلب منهم، ولما وصلوا الدمنات صادف الحال إصابة المترجم بانحراف في مزاجه، فاصدر أوامره المطاعة لعامل دمنات بإكرام وفادتهم ونزلهم، والقيام بشئونهم كما يجب إلى أن تصدر لهم الأوامر بالإتيان للحضرة المولوية، ولما تحسنت حالة صاحب الترجمة الصحية أمرهم بالقدوم لحضرته بمراكش، ولما مثلوا بين يديه أظهر لهم من السرور بمقدمهم والارتياح لرؤيتهم ما أوجب غبطة غيرهم لهم.