وبموت صاحب الترجمة حدثت حوادث وفظائع يشيب لها الرضيع ووقع الدخيل في الدولة واختل النظام وفسدت الأحوال، وتراكمت الأهوال، وتنمرت الذئاب، وفرزنت البيادق، واتسع الخرق على الراتق.
ولما استحكمت الفوضى وأشرفت الأمور على الانحلال وانتشرت الحمايات بالإيالة المغربية أي انتشار، وكثر تشكي الدولة الفرنسية من مسألة الحدود الجزائرية، وجدت الدول ذات المصالح بالمغرب السبيل للإلحاح في طلب الإصلاح، واقترحت على الدولة المغربية بفارغ صبر النظام ونصب ميزان العدل وفتح الطرقات بين العواصم لتسهيل المواصلات، وكانت الحكومة بينة العجز عن تنفيذ ذلك كله مع عدم إمكان تأجيله لوقت آخر.
فعند ذلك ظهر للسلطان أن دعا لفاس جماعة من أعيان مدن المغرب الكبرى كمكناس ومراكش ورباط الفتح وسلا وطنجة وتطوان فأقاموا بحضرته بفاس كنواب الأمة يترددون كل صباح ومساء على أبواب القصور السلطانية حيث مجلس الوزراء، لأجل المفاوضة في الشئون الكبرى التي أحاطت بالبلاد، فكانت هذه الجماعة لا يحسن أعضاؤها سؤالا ولا يفقهون جوابا وإذا استشيروا أجابوا بقولهم الخير فيما اختاره سيدنا السلطان، فكان وجودهم وعدمهم على حد السواء، وقد أنفقت عليهم الخزينة أموالا طائلة.
[بعث السفارات لأوروبا ونتائج ذلك]
ولما وقف تداخل الدول عند هذا الحد، وكانت قضية الاستيلاء على قصور توات قريبة العهد قرر رجال الدولة توجيه سفراء مندوبين لعواصم أوروبا لطلب النصير من الدول العظام مثل فرنسا وإنجلترا وألمانيا عن كيفية بث النظام.