وفاته: توفي بفاس المحروسة سنة خمس وخمسين وتسعمائة ودفن بإزاء قبر الولي الصالح أبي عبد الله محمَّد بن غازي رحم الله الجميع بمنه.
٢٦ - أبو العباس أحمد بن على بن عبد الرحمن بن عبد الله المنجور. المكناسي النجار، الفاسي الدار والقرار، كذا نسبه غير واحد ممن ترجمه.
حاله: إمام فقيه معقولي، محدث أُصولي، آية من آيات الله في المعقول والمنقول وسعة العارضة والاطلاع والمهارة الكاملة في سائر الفنون، كان أحفظ أهل زمانه وأعرفهم بالتاريخ والبيان والمنطق وغير ذلك وكانت له معرفة برجال الحديث شديد العناية بالتحصيل قوي التحقيق حسن الإلقاء والتقرير، معتنيا بالمطالعة والتقييد والإقراء، لا يكل ولا يمل، شعاره الإنصاف في البحث والمذاكرة، يميل مع الحق حيث كان، صافي الذهن حاد الإدراك، مصيب الفهم، ذا خط رائق، وأدب فائق، خدم العلم حتى ألقت إليه العويصات زمامها، وبرر على الأقران، وصار شيخ جماعة الأعلام في وقته، وكان يحض على تعلم سائر العلوم ويقول: إن العلوم كلها نافعة، وكان يبحث عنها ويتعلمها حتى إنه تعلم لعب الشطرنج فأتقنه ومهر فيه وصار المشار إليه بالبنان في معرفة دقائقه وتعلم تلاحين العود فكان يحرك بجسه أوتاره أفئدة العاشقين، جمال حضرة رب العالمين، أما العقائد فهو ابن بجدتها، وانفرد عن أهل زمانه بمعرفة تاريخ الملوك والسير والعلماء على طبقاتهم ومعرفة أيامهم وكانت معه حدة في بعض الأوقات تمنع المتعلم من مراجعته، والإكثار من مباحثته.
وكان مولعا بأمثلة العامة خصوصا عامة الأندلس يستحسن لغتهم ولكنتهم
٢٦ - من مصادر ترجمته: درة الحجال ١/ ١٥٦، نيل الابتهاج ١/ ١٥٥.