للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ضبط أوقاته وتقسيم أيامه وترتيب نظام مملكته وذكر رجال دولته]

كان قدس الله روحه مقسما أوقاته النهارية والليلية تقسيما عجيبا بحيث لم يضع له وقت، فكان له جماعة مكلفون بالتوقيت وضبط الأوقات لا يبرحون من أعتابه حضرا وسفرا ولهم رئيس من علية رءوس أهل الفن وفى كل يوم يجعلون له حصة بمعرفة الأوقات تدخل إليه كل صباح، وكان له عبد من عبيد داره (الطواشيين) مكلف كذلك بضبط الأوقات ورصدها وإعلام السلطان بها.

كان إذا بقى للفجر ساعتان أعلم الموقت الوصيف المذكور بواسطة العساس من أصحاب الوضوء فيعلم ذلك العساس الطواشى ويعلم الطواشى إحدى الإماء المعينات للقيام بذلك فتعلم المترجم، وقلما تجده في ذلك الوقت غير مصل أو ذاكر، ولم يزل يتهجد إلى أن يطلع الفجر فيصلى ركعتى الفجر ويخرج، وبمجرد وصوله لباب المسجد يقوم المؤقت لإقامة الصلاة ويتقدم الإمام فيصلى في جماعة من حاشيته الداخلية كأنجاله وبنى عمه المستخدمين في حنطة السجادة.

وهذه الحنطة عبارة عن جماعة مخصوصة ذوى هيئة جميلة تحمل سجادته للصلاة كما سيأتى، ولم يترك المترجم الصلاة في الجماعة سائر أيامه إلا لعذر، فإذا صلى الصبح جلس في مصلاه إلى أن يفرغ من الباقيات الصالحات، ثم يفتح الحزب ويقرأ فيه مع الحزابين بعض آيات نحو الثمن.

ثم يقوم ويدخل قصره العامر، فيجد الفطور مهيئا فيفطر ثم يتناول أشغال الوزراء ويوقع على المكاتب ثم يدفعها لوصيف الدار فيوصلها للحاجب -وهو في صدر مملكته حاجب والده أبو عمران موسى بن أحمد، ثم بعد وفاته ولى مكانه ولده أبو العباس أحمد مار الترجمة، ووظيفته الرسمية القيام بشئون السلطان

<<  <  ج: ص:  >  >>