[اهتمامه بأمور الدين وصدور أوامره لولاته بجبر رعاياهم على إقامة رسومه]
قال المشرفى في شرحه للشمقمقية بعد ما نقلناه عنه صدر هذه الترجمة:
وكان -أى السلطان المولى عبد الرحمن- في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالمحل الذى لا ينكر، يأمر عماله بالرفق والسير الحسن في الرعية والاستمساك بالسنة وعمارة المساجد واتخاذ الفقهاء يعلمون الصبيان بكل حلة ودوار، وينهاهم عن البدع والمحدثات التي أعظمها إشاعة الفاحشة والربا في معاملاتهم، حتى ابتلاهم مولاهم بغلاء الأسعار والآيات التي نشأت عن أفعالهم.
وبذلك كتب لسائر عماله في رابع جمادى الأولى عام سبعة وستين ومائتين وألف مكاتب فرقها جائلة في الأقطار، تقرأ عليهم في مساجدهم وأسواقهم وموضع اجتماعهم في مواسمهم ما نصه في النسخة التي بعثها لعامل الغرب المالكى القائد محمد بن الحاج الحباسى -فأقام ابن عمه الأستاذ الخير الفقيه ابن عبد السلام في نفر من أصحابه وأهل شرطته، يدور في المناهل ويطوف على كل حلة ويقرأ عليهم مكتوب السلطان، ولثقته وأمانته ومعرفة الناس له بأنه ابن عم الحاكم فيهم كى تأخذ بقوله وتنفذ ما أمر به السلطان- وفاتحة الكتاب: "الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، عاملنا فلان، سلام عليكم.
وبعد: فقد قال الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ. . . (٩٠)} إلى {تَذَكَّرُونَ (٩٠)} [النحل: ٩٠] وقال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥)} [الذاريات: ٥٥] وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يتخول أصحابه الكرام بالموعظة أحيانا مخافة السآمة، ولنا فيه أسوة، لأن سنته لمن تمسك بها أوثق عروة، ولم يقبضه الله إليه حتى أكمل به الدين، وأزاح غياهب الشك باليقين، قال جل جلاله: {. . . الْيَوْمَ