فهذه الشروط تصحح بخط يد حضرة سلطان مراكشة وحضرة سلطانة إصبانية، وتبديل تلك التصحاح سيقع بطنجة في مدة خمسين يوما أو قبلها إذا أمكن، وسيحرروا أربعة نظائر من هذه الشروط مختومة مطبوعة، فأحدهما لحضرة سلطان مراكشة، وثانيهما لحضرة سلطانة إصبانية، وثالثها يبقى تحت يد وزير الأمور البرانية لإيالة مراكشة، والرابع يوضع بين النائب الإصبنيولى القاطن بالمغرب، وكل أحد من المليكين المعاهدين له بالوفاء ما في فصول هذه الشروط بغاية الثبوت، وشهد على ذلك المفوضان الخاتمان والواضعان طابعهم أسفله بمدينة مدريد ختم هذا الوفق في ١٧ ربيع الثانى عام ١٢٧٨ من الشهر العجمى في ٢٠ نونبر عام ١٨٦١".
هذا نص تلك المعاهدة التي لم تعقد مع المغرب معاهدة أقسى منها، إذ جل موادها كما ترى هو في مصالح إصبانيا فقط، ولعل من لا خبرة له يفوق سهام اللوم للرجل المقدام صنو جلالة السلطان مولاى العباس الذى فوض له في عقدها ومن علم الحالة التي كان عليها المغرب، وقتئذ وأحاط علما بتلك الظروف الحرجة التي منها احتلال العدو لثغر من أرفع ثغور البلاد، يقرب من النقطة المحتل لها، ومنها جنوح الرعية وتحفزها للثورة اغتناما لفرصة اشتغال المخزن بتلك الحادثة المؤلمة، ومنها إظهار بعض القبائل الجبلية الميل للعدو والتفاخر بحسن معاملته، كما يرشد لذلك جواب مولاى العباس لسمو الأمير المتقدم نقل نصه على أن هذه أمور كلها موجبة لحسم مادة الحرب التي لا يوافق على خوض معامعها إذ ذاك عاقل، ولولا حسن سياسة النائب المفوض مولاى العباس لعظم الأمر واستفحل الداء، ولله في خلقه شئون.