ولا شك أن هؤلاء العتاة البغاة محاربون يجب قتالهم ويقدم على قتال الروم يتبع منهزمهم ويقتلون مقبلين ومدبرين ومنهزمين، وليس هربهم توبة تدرأ عنهم القتل على قول سحنون خلافًا لابن قاسم، انظر المواق، وإذا أخذوا قبل التوبة لزمهم الحد، وهو ما نص الله تعالى عليه في محكم وحيه بقوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ... (٣٣)} [المائدة: ٣٣].
ولا يسقط حق الحرابة على من ثبتت حرابته إلَّا التوبة قبل القدرة عليه، ثم لا يسقط بعد حق الآدميين، ولا خلاف يعتبر في أن المحارب هو القاطع للطريق المخيف للسبيل الشاهر للسلاح طالباً للمال، فإن أعطيه وإلا قاتل عليه. انظر منتقى الباجيّ.
وقد قال ابن المواز: لم يختلف قول مالك وأصحابه في إجازة قتال المحاربين وأن من قتلوه فهو خير قتيل، ومن قتل منهم فهو شر قتيل.
وقال مالك وابن القاسم: غزوهم غزو.
وقال عنه أشهب: من أفضل الغزو وأعظمه أجراً.
وقال مالك في أعراب قطعوا الطَّريق: غزوهم أحب إلى من غزو الروم.
وقال ابن القاسم: وإذا قتل الواحد منهم قتيلاً فقد استوجب جميعهم القتل ولو كانوا مائة ألف إذا كانوا ردءاً له وأعواناً، وقد صرح ابن الحاجب وغيره بالاتفاق على قتالهم ووجوبه على من قدر عليه.
ومن كان معاوناً للمحاربين كالكمين والطليعة فحكمه حكمهم ويدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدُّنيا وما فيها" والغدوة لقتال المحاربين.