استأصلتهم سيوف الله في ذلك الناد. وجهنا الطلب في أثرهم حيث فروا للصحراء. ودوخنا بلادهم سهلاً ووعراً. فلم يقفوا وتاهوا في البيداء، وتلونا قول الله سبحانه: ... أَيْنَمَا ثُقِفُوا ... (٦١)} [الآية ٦١ من سورة الأحزاب] فلم يكن إلَّا هدم قصورهم. وإعفاء آثار رسومهم. حتَّى صارت دكاً. بعد استخراج خباياهم وزرعهم وأسلحتهم وأمتعتهم وصارت للجيوش ملكاً.
وكتبنا سائر جوارهم من قبائل الصحراء. بضربهم وقتلهم أينما وجدوهم حتَّى لا تظلهم سماء، ولا تقلهم أرض ولا يجدون جرعة ماء.
ثم إن طائفة من شقيرن يقال لهم آيت يعقوب اعيسى، بلغنا أنهم حلفاء آيت شخمان، وأنهم آووا طائفة منهم بأموالهم ومواشيهم وبعض من الأعيان. كأنهم منهم على قاعدة المستجير الولهان. وكنا ولينا عليهم أيضاً عاملين وأعطوا يد الانقياد ظاهراً. وأنهم لم يبق منهم إلَّا من كان للصلاح مسامراً.
وحيث تحقق لدينا أن ذلك عن غش وخذلان. ومرض قلب لا عن صفاء طوية واطمئنان، حيث آووا فسدة آيت شخمان. رعياً لما بينهم من الإخاء القديم على الفساد والطغيان. وجهنا إليهم عدداً من قبائل البربر. وأحدقوا بهم إحداق من أطاع الله وبئر، وأتبعناهم بالعساكر المنصورة، والجيوش الموفورة، فلم يكن إلَّا كلمح البصر أو هو أقرب حتَّى قطعوا منهم رءوساً، واستأصلوا من أعيانهم نفوساً. وقبض على نحو ثلاثمائة من المساجين وكانت وقعة شفينا بها الغليل، وتداوى بها العليل، فإنَّه سبحانه لم يعودنا إلَّا الجميل وهو الفاعل المختار. الذي بيده النواصى والمقاليد في الإيراد والإصدار، وها الرءوس توافيكم وعددها اثنان وعشرون، فتعلق ثلاث ثم توجه لمكناس للخليفة هنالك والسلام فاتح حجة عام ١٣٠٥".
هذا كله والمترجم مخيم كما تقدم بالمحل المعروف بـ "جنو" ثم نهض وخيم بالاعريض وبه أوقع بآيت يعقوب وعيسى بإغراء من القائد محمد احم الزيانى.