وقال ابن عرفة: لا ينبغي لمسلم مخالفة في قتال المنتصبين لقطع الطَّريق وسفك دماء المسلمين وأكل أموالهم، وكذلك استباحة أموالهم واتباعهم في هروبهم والإجهار عليهم، لا يشك في ذلك إلَّا مغرق في الجهل ومعاند للحق، قال: وذلك عندى كفر لأنَّه منكر لما علم من الدين ضرورة إن كان يعلم وصفهم المذكور.
هذا ولما استوفى المترجم غرضه من إقماع المعتدين وتبديد جموعهم وكسر شوكة عصبيتهم طبق ما اقتضته السياسة إذ ذاك، نهض إلى أن وصل إلى دار القائد محمد احم المذكور بادخسان، وهنالك أقام سُنَّة عيد الأضحى، ثم بعد انتهاء حفلات أيَّام العيد نهض في جيوشه الجرارة ولم يزل يوالى السير إلى أن حل بالعاصمة المكناسية صبيحة يوم الاثنين تاسع عشر حجة متم عام ١٣٠٥.
فكانت جميع أيَّام هذه الحركة ثلاثاً وتسعين يوماً ثلاثون يوماً منها ظعن، وثلاث وستون يوماً إقامة، أولها يوم الأحد خامس عشر رمضان وآخرها يوم الاثنين التاسع من ذى الحجة قطعت أيَّام السَّفر منها في اثنين وسبعين ساعة وخمسين دقيقة:
ولما حل المترجم بمكناس أقام به اثنين وأربعين يوماً ثم نهض لفاس ووفدت عليه الوفود لتهنئته بمقفله من حركة بنى مكيلد في ضمنهم الوفد الرباطى ومعهم قصيدة العلامة الشَّهير شيخ الجماعة بذلك الثغر أبي حامد سيدى المكيِّ البطاورى في التهنئة وهي:
سعادة الملك مسعد بها الوطن ... وعزة النصر موصول بها
الزمن ومن يكون إله العرش ناصره ... ألقت إليه القياد الشم والقنن
والله يحفظ مولانا ويحرسه ... حتَّى يغص عداه أينما قطنوا