ابن الحفيان قائد المائة والطالب الجيلانى الجبورى المدعو البحر، ولما أطلعوهما من تلك الشقة أركب المترجم القائد إبراهيم الشركى خليفة قائد المسخرين وهو إذ ذاك القائد محمد بن قاسم ونادى القوم بسلامة السلطان وأمر الطبالون وأصحاب الموسيقى بالصدح إعلاما للأباعد بسلامة روح العالم، كى يلتئم صدع من بقى من الجيش وتطمئن النفوس، فصاروا يتلاحقون بالأمير. فرادى وأزواجا إلى أن التفت عليه تلك البقية الباقية وهان المصاب بسلامة المترجم.
ومن الغد أمر صاحب الترجمة آغا العسكر البخارى القائد العربى بن حم، والطالب الميقاتى السيد الجيلانى بن أبي الخير بدفن جثت قتلى هذه المعركة التعساء، ولكثرتهم تعذر عليهم دفن كل على حدته فواراهم في التراب جموعا ووحدانا.
ثم وجه المترجم جيشا ثانيا بقصد أخذ الثأر من هؤلاء الظلمة العتاة فخذل, وكان كلما وجه لهم جيشا رجع عودًا على بدء والسلطان يزداد غيظا ووجدانًا إلى أن قام أنصح القواد القائد الشافعى المسكينى وطلب من الجلالة السلطانية أن يذهب لأخذ الثأر منهم أى المتمردة في خصوص أبطال إخوانه، فساعده وتوجه إليهم وأوقع بهم وقعة شنعاء ورجع سالما منصورا حاملا لرءوس من مات منهم، فشكر السلطان صنيعه وأثنى على شهامته وصرامته.
ثم بعد ذلك ورد الطغاة على شريف أعتابه نائبين وبنسائهم وصبيانهم متشفعين، ولجأو لمدافع المحلة واحترموا بهم وفق العرف الجارى في أمثال ذلك، فقبل توبتهم وقابلهم بالعفو والإغضاء، وعزل عنهم العامل ابن الطاهر الذى كان السبب الوحيد في إيقاد نيران هذه الفتنة، وولى عليهم القائد منصور حيطوط، وكان إذ ذاك بحنطة أصحاب السكين.