ولما خيم على الرحامنة بوادي أم الربيع وأحاطت بهم الجيوش السلطانية المشار لها، بعد أن قسمها سبعة ملاحم، عقد عليها للشرفاء وكبراء الجيش كأعمام والد الجلالة العزيزية المولى الأمين، والمولى عبد القادر، والمولى عبد المالك فأوقعوا بالخارجين وقعة شنيعة وجاسوا خلال ديارهم ولم يسعهم غير الرضوخ للطاعة، والدخول فيما دخلت فيه الجماعة، وأدوا المغارم ذات البال، وأَسلموا عددا كثيرا من رؤسائهم أسرى وجه بهم في السلاسل والأغلال للحضرة المكناسية، ورجع عليهم العمال الذين نزعتهم الغوغاء عصبية مبارك بن الطاهر بن سليمان الرحماني -وكان عاملا للسلطان مولاي الحسن على درعة وأعمالها- الذي سعي في الأرض الفساد وخرب مدينة دمنات وغيرها، وشن الغارات على مدينة مراكش وهم غير مرة باقتحامها عنوة، ولولا قيام عاملها القائد (ودة) قيام الأبطال المخلصين ومبالغته في الدفاع عنها جهده وطاقته لخربت وديست سراتها وذوو الحيثيات فيها بالأقدام.
وأتي بركن الفساد الزعيم المذكور من زاوية سيدي على بن إبراهيم بتادلا وذلك في رمضان عام ١٣١٣ ثلاثة عشر وثلاثمائة وألف وفي معيته ولده الفاطمي وأخوه سليمان فجعل في قفص من حديد وأُحدق به مع حزبه وكاهنهم مَهِيمَر -بفتح الميم وكسر الهاء مشبعة بعدها ميم مفتوحة فراء ساكنة- الحرس المخزني المسمى بالمسخرين، وبسبب ذلك انطفأت نيران البغي والفساد، وانكسرت شوكة أهل العتو والإلحاد، ووظفت عليهم أموال طائلة وعدد عديد من الخيل والسلاح، ودفعوا ذلك عن يد وهم صاغرون، وكان الرجل منهم يأتي بفرسه ومكحلته ويسلم كلا للمكلف بحوزه من قبل المخزن، ويأتي الرجل بنفسه ويسلمها للسجان فيدخله السجن إلى أن ضاق بهم، ففرقوا في سائر السجون المغربية وأكثر ما كانوا بسجن الصويرة.
وقد كتب المترجم بنبأ هذا الفتح الباهر لسائر الأمصار والأقطار وكان من