بنفسه، ولا يكري لأحد وإن اتسعت واحتاج لمن يسكن معه فيسكن من احتاج للسكني من الطبقة التي بعدها أو التي بعدها، ولا يكري أحد لأحد فإن انقرضوا عن آخرهم والبقاء لله وحده رجعت الدار حبسا على مؤذني الليل بمنار المسجد المذكور يشتركون في ذلك على حد السواء، ولا يدخل معهم مؤذنو العشاءين في ذلك حبسا مؤبدا ووقفا مخلدا، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، ومن بدل أو غير فالله حسيبه وسائله وولي الانتقام منه، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، إشهادا صحيحا طوعيا قصد به وجه الله العظيم والدار الآخرة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا ولا يخيب لراجيه وقاصده أملا، شهد عليه بذلك عارفا قدره وهو بحال كماله وعرفه وفي أوائل جمادي الثانية عام خمسة وثلاثين ومائة وألف، انتهى.
عينت المحكمة الشرعية الدولة الحامية ثانيا من دور الحبس كان يسكنها في غابر الأعصر مزاور المؤذنين المكلف بالتوقيت وآلاته بالمسجد الأعظم، وآخر من سكنها من أولئك المكلفين السيد الجيلاني الرحالي وإن لم يعط وسم مزوار وبها توفي، كما سكنها قبله قاضي مكناس أبو محمد العباس بن كيران مدة، وكان بابها داخل باب الجنائز الخارجي أحد أبواب المسجد المذكور المقابل -هو أي الباب- لمسجد الحجّاج عَلَى يسار الداخل منه للمسجد، تنفتح دفة الباب على بابها رحم الله آباءنا المتقين، ما أشد اعتنائم واحتياطهم لأمور الدين، اختاروا لسكني الموقت الذي عليه المدار في معرفة أوقات الصلوات التي هي من الدين بمنزلة الرأس من الجسد هذه الدار التي كادت أن تكون من نفس المسجد تيسيرا عليه ورفقا به وجمعا له بين مصلحتي المحافظة على القيام بحق الرب المعبود وحق الأهل.
ولما عينت هذه الدار محكمة أغلق بابها الأصلي المشار وأحدث لها باب بالشارع العمومي المار وسط سماط العدول بين باب الكتب المذكور في جملة أبواب المسجد وباب الجنائز.