فقيه جليل، علامة نبيل، مدرس نفاع، له في كل فن طويل باع، حافظ لافظ خطيب مصقع بليغ، تولى خطة القضاء بمكناسة الزيتون، والخطبة بجامعها الأعظم المولوى.
وقفت على عدة عقود بخطابه والتسجيل عليه من ذلك عقد بتاريخ حادى عشر جمادى الأولى عام ستة وثلاثين ومائة وألف على فيه بما لفظه: الفقيه الأجل، العلامة الأفضل، الشريف الأحفل، المدرس البركة الحافظ الحجة قاضى الجماعة بالحضرة السلطانية وخطيب جامعها الأعظم وإمامه.
وتولى قبل ذلك قضاء الثغر الرباطى وذلك بعد العشرين من القرن الثانى عشر على ما قاله مؤرخ الرباط صديقنا الأديب أبو عبد الله بوجندار، وقد كان عزله السلطان مولاى على بن إسماعيل عن قضاء مكناسة وذلك يوم الجمعة مهل جمادى الثانية إثر فراغه من الخطبة، وولى مكانه أبا القاسم العميرى، وذلك عام سبعة بتقديم السين وأربعين ومائة وألف، وفى صفر عام تسعة وأربعين ولاه مولاه عبد الله قضاء مكناسة، وعزل العميرى، وفى أواخر جمادى الثانية من العام عزله سيدى محمد ولد عريبة، وولى السيد أبا القاسم العميرى كما في الدر المنتخب.
هذا وبيت صاحب الترجمة من البيوتات العريقة المجد والشرف، والفضل والدين سلفا عن خلف، تولوا المناصب العالية، وتصدروا في الخطب الشرعية الغالية، وتداولوا القضاء، وأحسنوا الاقتضاء، وتصدروا للإفتاء والتدريس، واستبعدوا بحسن سيرتهم كل مرءوس ورئيس.
استوطنوا أولا مدينة تلمسان ونواحيها، وانتقل البعض منهم لقبيلة دكالة، ومنها لمدينة فاس ونالوا في صدر هذه الدولة العلوية رياسة ووجاهة، نوه بهم السلطان مولانا الرشيد الحسنى أول من بايعته فاس وغيرها من قبائل المغرب من