للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففى معيار المغرب، والجامع المعرب، عن فتاوى إفريقية والأندلس والمغرب فيما نقله عن الإمام المقرى ما نصه: لقد استباح الناس النقل من المختصرات الغريبة أربابها ونسبوا ظواهر ما فيها إلى أمهاتها، وقد نبه عبد الحق في التهذيب على ما يمنع من ذلك لو كان من يسمع، وذيلت كتابه بمثل عدد مسائله أجمع، ثم تركوا الرواية فكثر التصحيف، وانقطعت سلسلة الاتصال فصارت الفتاوى تنفذ من كتب لا يدرى ما زيد فيها مما نقص منها لعدم تصحيحها وقلة الكشف عنها.

ولقد كان أهل المائة السادسة وصدر السابعة لا يسوغون الفتوى من تبصرة أبى الحسن اللخمى لكونها لم تصحح على مؤلفها ولم تؤخذ عنه، وأكثر ما يعتمد اليوم ما كان من هذا النمط مثل الأجهوريين وغيرهم من شراح خليل.

وقد نص بعض المحققين من علماء وقتنا هذا على أنه لا يعتمد على ما انفردوا به ثم انضاف إلى ذلك عدم الاعتبار بالناقلين فصار يؤخذ من كتب المسخوطين كما يؤخذ من كتب المرضيين، بل لا تكاد تجد من يفرق بين الفريقين، ولم يكن هذا فيمن قبلنا، فلقد تركوا كتب الأقدمين المرضيين رضى الله عنهم واشتغلوا بكتب المتأخرين من أصحاب خليل واقتصروا عليها وأفنوا أعمارهم في حل ألغازها حتى قال بعضهم نحن أناس خليليون، إن ضل ضللنا، وإن اهتدى اهتدينا، وقد أقسم أمير المؤمنين سيدي محمد بن عبد الله لقضاة وقته، أن من أفتى منهم بغير فتوى الأقدمين المذكورين في رسالته هذه أنه يعاقبه عقوبة شديدة ويجعله نكالا لمن بعده ممن يفتي بالفتاوى الواهية التي لم يبلغ سندها إلى الأقدمين رضى الله عنهم آمين، فهذه جمله تهديك إلى أهل العلم وتريك ما غفل عنه الناس".

ثم أتبعه بقوله:

"الحمد لله والصلاة على رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>