ثم وجه بعد هذه السفارة عبد الكريم العونى أحد أعيان تطوان بهدية منها اثنا عشر قنطارا مع ملح البارود في أربعة مراكب، وكتاب آخر في شأن أهل الجزائر وضررهم بالمسلمين، فلما بلغ الدولة الكتاب أرسلت إلى حاكمى الجزائر وتونس تأمرهم بالتأدب مع المترجم وتنفيذ ما يكتب لهم به، وأن يفعلوا معه من أنواع الأدب ما يفعلونه مع السلطان عبد الحميد.
ورجع مع العونى أحد كتاب الدولة إسماعيل أفندى سفيرا من السلطان عبد الحميد مصحوبا بهدية وكتاب، فوجه السلطان المترجم كبير الطبجية القائد الطاهر فنيش لمرافقته للرباط، وكان يوم استقبال السفير المذكور يوم العيد بعد إقامة سنة صلاته، فقرئ كتاب العثمانى في مشهد حفيل بجامع السنة، وكان فيه الاعتذار عن أهل الجزائر والإيصاء بهم وبأهل تونس.
ثم بعث المترجم بعد ذلك كاتبيه السيد محمد بن عثمان والسيد محمد الموزيرق، وصهره مولاى عبد الملك بن إدريس بمكاتبة للسلطان عبد الحميد، ووجه معهم شيخ الركب النبوى الحاج عبد الكريم بن يحيى، ومن هناك أمرهم بالتوجه للحج مع أمين الصرة الشريفة.
وكان خروجهم من حضرته وهو بالرباط في مهل محرم سنة ١٢٥٠ بعدمه أصحبهم هداياه المالية لأشراف الحرمين وغيرهم، وقدرها ثلاثمائة ألف ريال وستون ألف ريال وأربعون ألفا من الضبلون والمنيضة والبندقى ما بين ذهب وفضة على عادته في كل سنة، وسار معهم إسماعيل أفندى السفير العثمانى الذى كان ورد على أبوابه قبل ذلك.
وذكر الزيانى أنه أخر عن السفر معهم بعد ذلك إلى أن سار معه هو في سفارته ولما لم يتيسر لهم الركوب من تطوان لشدة هيجان البحر بعد أن أقاموا فيها أربعة أشهر ونصف، توجهوا لطنجة، ومنها كان ركوبهم بثانى رجب من السنة