المعتزلة أقوالهم الفاسدة ويجيب عن آرائهم الواهية، فأتبعه المالكية على ذلك وسموه ناصر السنة، وهو ومن تبعه على صواب، موافقين في اعتقادهم للسنة والكتاب، لا في الخوض مع الخائضين، والتصدى لذكر شبه المبطلين، وتخليدها في الأوراق إلى يوم الدين.
وأما الحنابلة فأنكروا عليه، وفوقوا سهام الانتقاد إليه، وقالوا له: كان ينبغى لك أن تسكت كما سكت الأئمة قبلك من السلف الصالح المهتدين الذين يرون أن الخوض في علم الكلام من الباع المحدثة في الدين، أمَالَكَ فيهم أسوة؟ أفلا وسعك ما وسعهم من السكوت عن تلك الهفوة؟ فطريق الحنابلة في الاعتقاد سهلة المرام، منزهة عن التخيلات والأوهام، موافقة لاعتقاد الأئمة كما سبق مع السلف الصالح من الأنام، أعاشنا الله على ما عاشرا عليه، وأماتنا على ما ماتوا عليه، بجاه النبى وآله".
وذكر في الثانى أن اتباع كل إمام من الأئمة الأربعة يعظمونه ويذكرون أحاديث وردت عن النبى - صلى الله عليه وسلم - فيه ويزعمون أن من تمسك بمذهبه فقد تمسك بالعروة الوثقى ويرجحون مذهبه على سائر المذاهب قال: "وأنا أقول قد صدق الجميع من أئمة الهدى المذكورين أعاشنا الله على هديهم وطريقهم بجاه النبى وآله إلا في كلمة واحدة، وهى كلمة الترجيح، لأن اعتقادى في الأئمة الأربعة أنهم على هدى وكلهم على التساوى لا يرجح أحدهم على الآخر، وكل من تمسك بمذهب من مذاهبهم فقد تمسك بالعروة الوثقى، فكلهم والحمد لله آخذون بكتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقول: هم الخلفاء الأربعة على أمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل أبا حنيفة خليفة أبى بكر، ومالكا خليفة عُمر، والشافعى خليفة عثمان، وأحمد خليفة على رضوان الله على الجميع.