للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختاره السلطان أبو الحسن المرينى وكان من كبار جلة العلماء الذين استصحبهم معه في حركته إلى إفريقية، ولم يزل معه حتى هلك غريقا في جملة من غرق من الأئمة الأعلام بأساطيل المرينى المذكور على ساحل تونس في الواقعة الشنيعة التي هى من أعظم الدواهى التي أصيب بها المغرب الأقصى.

غرق فيها نحو أربعمائة عالم من أكابر علماء المغرب الأقصى كالإمام محمد ابن سليمان السطى شارح الحوفى، والأستاذ الزواوى أبى العباس، وكان عدد الأساطيل نحو الستمائة أسطول، لم ينج منها غير السلطان أبى الحسن على لوح، وكانت هذه الواقعة بعد عيد الفطر سنة خمسين وسبعمائة.

قال أبو عبد الله الأبى لدى الكلام على أحاديث العين من صحيح مسلم ما معناه أن رجلا كان بتلك الديار معروفا بإصابة العين، فسأل منه بعض القالين لأبى الحسن أن يصيب أساطيله بالعين، وكانت كثيرة نحو الستمائة، فنظر إليها الرجل العائن فكان غرقها بقدرة الله الذى يفعل ما يشاء، ونجا السلطان بنفسه، وجرت عليه محن.

قال في الروض وحدثنى بعض الأعيان الأصحاب، أنه بلغه أن الفقيه ابن الصباغ المذكور سمع بمقصورة تلمسان المحروسة ينشد كالمعاتب لنفسه:

يا قلب كيف وقعت في أشراكهم ... ولقد عهدتك تحذر الأشراكا

أرضىً بذل في هوى وصبابة ... هذا لعمر الله قد أشقاكا

انتهى من أصله بخط مؤلفه، والذى صدر به في الجذوة أن المترجم كان ينشد البيتين على لوح من ألواح السفينة والأمواج تلعب به (١).

مشيخته: أخذ عن فطاحل أعلام مكناسة بلده ومشيخة فاس، وباحث ابن


(١) نقله التنبكتى في نيل الابتهاج ٢/ ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>