فقلت ومالى والليالى فإننى ... أمنت بجاه اليحمدى أزماتها
فلو ساورته لانثنت وصروفها ... مفللة والذل فوق قناتها
يداه يد يغنى عن السحب جودها ... وأخرى يخاف الدهر من فتكاتها
يزاحم في نيل العلا وهو واحد ... وما سقط الأقوام مثل سراتها
كذلك أعلام المناسك جمة ... ولكن جماع الحج في عرفاتها
وأن مصابيح السماء كثيرة ... وما الصبح إلا من طلوع مهاتها
به الدولة الغراء دام سكونها ... فلا قدر الرحمن من حركاتها
ولا زالت الآمال تعشو لضوئها ... ولا انقض نجم السعد من جنساتها
فدى لك نفسى أيها العلم الذي ... به اعتصمت من دهرها وعداتها
إليك تناهى كل مجد وسؤدد ... فدم في المزايا واصعدن درجاتها
بنيت قباب المجد أركانها التقى ... ورصفت من غمر الندا شرفاتها
فلو جمرات العرب كن بواقيا ... لما كان إلا أنت من جمراتها
لك القلم العالى الذي ببيانه ... تكسر من سمر القنا شبواتها
وتفتض أبكار المعانى بحده ... إذا احتجبت من عزها عن كماتها
ومنه بأحشاء الأعادى رواعد ... قواتل لا ينجون من سطواتها
ودونكها غراء تغرى على الصبا ... وها السحر كل السحر في لفظاتها
تشهيك في ترجيع إنشادها متى ... بلغت بإنشاد إلى أخرياتها (١)
(١) في هامش المطبوع: "للمؤلف بحث خاص بالوزير اليحمدى ألقاه محاضرة في مؤتمر الثقافة العربية المنعقد بحاضرة تونس في شعبان عام ١٣٥٠".