وبعد: فإن ماسكه الفقيه الحبى العفيف النزيه، العالم الوجيه، سيدى محمد ابن الفقيه العلامة الأريب، الحافظ الحجة الصدر الخطيب، سيدى محمد بن الحمادى المكناسى ممن تصدر هذه مدة مديدة، وسنين عديدة، لنشر العلم والتدريس والتعليم، وتصدر بين الصدور للتبليغ والتفهيم، وأنفق يواقيت عمره في حل المقفلات، واستعمل دقائق فكره في النتائج والمقدمات، وسبر أقسام المسانيد والعلل والألقاب، وكشف عن وجوه مخدرات المعانى والبديع النقاب، واقتنص من المهمات شواردها، واقتنى من النكت فرائدها وفوائدها، وساير أرباب البلاغة في مجالها حتَّى ظهر أنَّه من أفضل رجالها، مع ماله من الحياء والمروءة والاستكانة، وعدم الدعوى والمحافظة على دينه والصيانة، لكن قد تقرر واشتهر، وعلم لدى الخاص والعام وانتشر، أن الاهتمام بالرزق والكد على العيال، يخل بالجد والاجتهاد في نشر العلم في الحال والمآل، ويوجب الفتور والكسل والكساد، ويقطع الإنسان عما هو بصدده من نفع العباد.
ومقصور مولانا أيده الله، وأدام وجوده وعلاه، كثرة نشر العلم وتكثير طالبيه، وصيانة أهل العلم عما يدنس حرمتهم وحفظ ذويه، فمن المستحسن بالنظر والقياس، أن يقوى على نشر العلم بمرتب من الأحباس، ليحصل غرض مولانا من تكثير العلماء في الناس، وأن يعان بما يكون سببا له في كثرة اجتهاده، أبقى الله مولانا رحمة لعباده، آمين. وفى مهل رمضان الأبرك عام خمسة وسبعين ومائتين وألف عبيد ربه تعالى أحمد بن محمد المرنيسى وفقه الله بمنه، وعبد ربه أحمد بن أحمد بنانى ستر الله عيبه آمين.
رحل المترجم لأداء فريضة الحج وزيارة خير الأنام سنة أربع وتسعين ومائتين وألف وهو من جملة الأعلام الذين شهدوا بصحة نسب الشرفاء الدباغيين المنتقلين للحجاز ورفعه لخير الأنام.