وكان مواخيا له بها ومصاحبا، ومواليا له أيامها ومعه كاتبا، الفقيه الأجل، البركة الأفضل، أبو مروان عبد الملك التجموعتى، ثم نقله والده لمكناسة الزيتون وولاه بها مدة، وكان ينوب عنه تارة في الحروب وتارة في غيرها من ولايات الأحكام، وكان قد نزل على فاس بأمر والده حين تحالف أهلها مع الدريدى، وخالفوا على والده فحاصرها مدة من الأيام وأقلع عنها.
وخرج فيمن خرج من الزاوية مع والده عند الوقعة العظمى بها عليهم، وسار فيمن سار معهما لتلمسان، وأقام بها إلى أن توفى والده، فذهب للمشرق بقصد حج بيت الله الحرام، وزيارة قبر نبيه عليه الصلاة والسلام.
فلما قضى نسكه وطاف وزار، بقى في المشرق نحوًا من عامين اثنين، وانقلب راجعا عام خمسة وثمانين وألف في جملة من أتى معه مسافرا من المشرق، فلما قربوا من الجزائر أخْبِرُوا بثورة أهل تلمسان على الترك الذين بها، ولما وصلوا للجزائر وجدوا جيوش الترك خارجة منها قاصدة لقتال أهل تلمسان فخرجوا معهم من الجزائر، وأقاموا في أثناء الطريق، وتأخروا عن القدوم مع المحلة بعد أن أوصى المترجم رئيس المحلة باحترام أولاده الذين بالعباد، وأخبره بخبرهم فأنعم له بذلك.
وبعد أن هدأت أصوات تلك الفتنة وخمدت نارها وتبين ما آل إليه أمرها، توجه المترجم لتلمسان، فوجد إخوانه أهل الزاوية الذين كانوا بالعباد قد رجعوا لفاس، ولم يبق أحد منهم يراعيه إلا ولده أبو العباس أحمد، فاستقرا بالعباد، بما لهما من الأهل والأولاد، إلى أن لبى المترجم داعى مولاه، وانتقل لما اختير له رحمه الله.
مشيخته: أخذ عن والده وجماعة من جلة فحول زاويتهم الدلائية.