"ثم لما أن تم هذا الوقف وانبرم، وعلى هذا المنوال انحسم، وتسلم هذه الدار الوقف المذكورة الناظر عليها أحمد أفندى المذكور، ووضع يد نظارته عليها خالية عن الموانع والشواغل، حضر إلى المجلس الشرعى ثانيا هذا الوكيل الحاج محمد الرزينى المذكور الثابتة وكالته المفوضة عن مولانا السلطان عبد الرحمن المزبور، بين يدى نائب مولانا الحاكم الشرعى المومى إليه أعلاه، وأحضر معه الناظر على الدار الوقف المذكورة أحمد أفندى المذكور شيخ المؤذنين، وادعى عليه بوكالته المذكورة بدعوى صحيحة شرعية مستكملة لشروطها ومسوغاتها الشرعية في هذه الدار الوقف المذكورة، وحددها ورددها بحدودها المذكورة أعلاه، تتضمن دعواه أن موكله عنَّ له الرجوع عن هذه الوقفية ويريد عود الدار المذكورة إلى ملكه ثانيا، زاعمًا عدم صحة الوقفية حيث لم تسجل ولم يحكم بها حاكم شرعى متمسكا بقول الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان رضى الله عنه في ذلك، وطلب رفع يد الناظر عليها المدعى عليه عنها، وعارضه الناظر في ذلك أحمد أفندى المذكور بأن ليس لموكلك الرجوع عن هذه الوقفية، وأنها صحيحة ولو لم تسجل، متمسكا بقول الإمامين الهمامين أبى يوسف ومحمد، وأن العمل على قولهما في الوقفية، فعند ذلك تأمل بينهما نائب مولانا الحاكم الشرعى المومى إليه أعلاه في ذلك، تأملا شافيا كافيا ورأى برأيه السديد، ونظره الرشيد، أن بجانب صحة الوقيفة رجحانا قويا، وطريقا سويا.
ثم استخار الله تعالى وحكم بينهما بصحة الوقفية ولزومها، في خصوصها وعمومها، حكما صحيحا شرعيا عالما بالخلاف، الجارى بين الأئمة الأسلاف، ومنع هذا الوكيل المدعى المذكور عن إعادة دعوى الملكية، وامتثل لذلك وبقى الناظر المذكور واضعا يد نظارته على الدار الوقف المذكورة، وصارت وقفا من أوقاف الله تعالى الأكيدة، مدفوعا عنها بحوله وقوته الشديدة.