سرى حزمه في جيشه وثباته ... ففى كل قلب من شجاعته قدر
له آية التمكين في الأرض والعلا ... له العز والتأييد والفتح والنصر
له من سباع الطير والوحش عسكر ... يؤازره قد قاده الذيب والنسر
ويقدمه للحرب كل شمرذل ... حرام عليه في وطيس الوغى الفر
وأسد على جرد كأن وجوههم ... -بأفق ظلام النقع- من بشرها فجر
تعاطوا على جرد حميا حمية ... فرنحهم حب المنية لا السكر
وباعوا نفوسا في الجهاد نفيسة ... من الله سيماها التثبت والنصر
وما عمر الإنسان وقت حياته ... ولكنها الذكر الجميل هو العمر
وما هذه الأيام إلا صحائف ... لأعمال هذا الخلق في طيها نشر
وأفضل أعمال الفتى نصرة الهدى ... وقتل العدا إن الجهاد هو الذخر
ولله في هذا الوجود خلاصة ... هداهم (١) لهم في كل صالحة ذكر
عساكر فتح عود الله رفعها ... إذا قوبلت يسرى لناصبها الكسر
نحت أرض زمور فأنحت عليهم ... دواه دواه صبها العسكر المجر
أقام بها الجيش اللهام مرابطا ... يباكرهم من خيله الفتكة البكر
يساقيهم شهرا كئوس منية ... فكان وباء فيهم ذلك الشهر
رماهم به المنصور لما تحزبوا ... ولم ينفع الإنذار فيهم ولا الزجر
فأغزاهم جيش الرسائل قبله ... طلائعه التذكير والنهى والأمر
فولوا عن الذكرى فرارا كأنهم ... فرا وكان ملء أسماعهم وقر
(١) في هامش المطبوع: "بفتح أوله".