فلا أمن فيهم للسبيل وأهله ... ولا عرف إلا وهو عندهم نكر
إذا ما دعا داعى الفساد هفوا له ... وإن سمعوا داعى الصلاح دعا فروا
عموا عن سبيل الرشد وابتغوا الهوى ... وغرهم الشيطان والنفس فاغتروا
وأطغاهم طيب البلاد التي بها ... زكا الكسب والأولاد والغرس والبذر
ومن لم يقيد نعمة الله عنده ... بشكر فقد أودى بنعمته النكر
ومن عاند المنصور أصبح طعمة ... لأسيافه أو ساقه للردى القبر
فكم حاولوا من مكرهم رد بأسه ... فعاد عليهم بالردى ذلك المكر
وكم طلبوا نيل التكافؤ في الوغى ... وهل يتساوى الصعو في الفتك والصقر
وراموا التدانى في المراتب ضلة ... وهل يتساوى التبر في السوم والصفر
غدوا جزرا للمرهفات وطعمة ... تجاذبها وحش المهامه والطير
وضاق بهم من شؤمهم واسع الفضا ... وأصبح عرض الأرض وهو لهم شبر
وعقبى ذوى البغى العقاب وإنه ... ليزداد عظما كلما عظم الوزر
إذا أمة طال الصغار كبارها ... فإن قصاراها التذلل والصغر
ويضفو رداء الصون والحفظ بالتقى ... ويكشف بالعصيان عن أهله الستر
فقد طاولتهم بالحصار كتائب ... غزاهم بذاك الوعر من أجلها الذغر
ووافتهم فيه عساكر نقمة ... من الله والاها التضايق والحصر
تألف منها الجوع والضر والظما ... وأهلكهم فيها الترحل والحر
وما زالت الركبان تنسف زرعهم ... ويبدو لهم من كل خافية أمر
إلى أن غدت صفر إيبابا وأصبحت ... وعامرها من كل ما جمعوا غمر