وعشى، وصارت زاويته كعبة للوفود ومرتعا للواردين، تفاض عليهم فيها الموائد والفوائد، وكان له اعتناء زائد بالضيف وموالاة الغريب ومواساته وبالأخص آل البيت النبوى الطاهر، حتى وشى به بعض الحسدة الأغمار للسلطان مولانا إسماعيل وأمر بإحضاره لديه فلما مثل بين يديه استفسره عن مراده فقال له: إن مالى ورقبتى لأهل البيت، وإنما يدى في ذلك يد نيابة عنهم ومحبة آل البيت وإكرامهم واجب عليك وعلى، فقال له السلطان: إلى من تنتسب في الطريق؟ فقال: لأهل وزان، فخلى سبيله وأقره على فعله الصالح.
ثم إن مولانا عبد الله نجل السلطان أصابه رمد فخافت أمه أن يطول به ذلك، فأرسلت للمترجم طالبة صالح دعائه وابتهاله إلى الله في أن يشافى ولدها المذكور عاجلا، فقال المترجم لأصحابه هذا الرجل شفاه الله، وأنا أدخل قبرى فعوفى المرمود من حينه ومرض المترجم إثر ذلك.
ثم قدم مكناسة مولاى الطيب الشريف اليملاحى نزيل وزان وقال لأصحابه جئت لأحضر جنازة هذا الرجل وأمنعكم من دفنه بداخل الزاوية لئلا ينبش قبره بها ويخرج منها، فتوفى المترجم من غده ودفن بدار جوار زاويته، وبنيت عليه روضة.
ثم إن مولاى على بن السلطان مولاى إسماعيل لما جلس على منصة الملك أمر بإخراجه من قبره وهو روضته محتجا بأن الدفن بين دور السكنى والبناء على القبور بدعة، ولما أخرج من قبره وجد على الحالة التي دفن عليها، لم يقع به أَدنى تغيير، ثم لما رجع الأمر لمولاى عبد الله أمر برد المترجم لقبره الأول والبناء عليه قائلا: إن عمل الناس شرقا وغربا صار على اتخاذ المقابر بين دور السكنى، والبناء على الصلحاء من أهل الفضل والدين، وسرد لهم قول الحاكم في المستدرك، فحفروا عليه وأخرجوه من ضريحه الثانى، فوجد كيوم مات لم يتسنه، ورد لقبره الأول رحمه الله.