للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان خروج المترجم من فاس للصحراء بعياله وعيال أبيه يوم الأحد سادس عشرى قعدة عام خمسة عشر ومائتين وألف، وبعد خروجه من فاس أقام بدار الدبيبغ ثلاثة أيام ينظم فيها أمور سفره، ولم يمكث بالصحراء غير أيام قلائل، حتى رجع في مأموريته، ثم عاد إليها ثانيا، ثم رجع منها مؤمنا طاغية آيت عطا، وكان السلطان قد هم بقتلهم جزاء لهم على سوء فعلهم، فحماهم بشفاعته إذ شفعه السلطان فيهم وعفا عنهم ثم آب للصحراء.

ثم لما تفاحش عيث بنى مطير، وكانوا أكثر القبائل البربرية مالا وماشية وخيلا وقوة وعدة وعددا، وهمّ السلطان بتأديبهم، أصدر الأمر للمترجم بالقدوم من الصحراء لما يعلم من شهامته ومعرفته بالحروب وإبلائه فيها البلاء الحسن بسيفه ورأيه، فورد عليه في تاسع عشرى حجة عام ستة وعشرين ومائتين وألف، عقد له الرياسة على الجيوش المراكشية والشاوية وعبدة ودكالة وسوس كما بتاريخ الضعيف، وقد زاده السلطان المولى عبد الرحمن حظوة على حظوته فكان يعقد له على الجيوش ويصدره للمهمات إلى أن استشهد رحمه الله.

وفاته: توفى قتيلا منتصف تسع وخمسين ومائتين وألف، قتله أخواله زمور الشلح غدرا عندما غزاهم السلطان المولى عبد الرحمن في السنة المذكورة، وأوقع بهم شر وقعة على ما أخبرنى به حفيده، أى المترجم الشريف النبيه مولاى الحسن ابن العربى بن الصديق بن عبد المالك المذكور، ودفن بضريح الولى الشهير أبى عثمان سعيد المَشَنْزَائى دفين خارج بأبى الخميس، ووجه العروس من الحضرة المكناسية وقبره ثَمّ ترياق مجرب للداء الذى يصيب الأطفال المعروف بالعواية (١) يطرحون المصاب عليه ويمرون مفتاح عود على عنقه فلا يقوم في الغالب إلا كمن نشط من عقال.


(١) في هامش المطبوع: "الفواق وهو تصاعد الريح من الجوف حتى يكاد يذهب بالنفس".

<<  <  ج: ص:  >  >>