هو الموت جل الله قاهر خلقه ... يروع من ذكراه ضار وضارب
فأين الملوك الصيد أين عديدهم ... وأين القصور الشم أين المواكب
وأين أباة الضيم أين اقتدارهم ... وأين بناة المجد أين المناصب
وأين بنو الآداب أين سراتهم ... وأين رجال الشعر أين الحبائب
وأين ذوو الأقلام أين خيارهم ... وأين ذوو الأحلام أين العصائب
محاهم من سفر الوجود معيدهم ... لأصل الثرى والفرع للأصل آيب
وأعظم رزء تشتكى النفس حره ... نوى من إليه تدنى وتناسب
خليلى أما الصبر عنك فخائن ... وأما فؤادى فهو بالوجد ذائب
وكانت ظنونى أن يتاح اجتماعنا ... فلم تجدنى تلك الظنون الكواذب
فآه ليوم ثم آه لليلة ... كساها إهاب الحزن ناع وناعب
وأضحت لها الأقلام تخدش طرسها ... وتذرى الدموع السود وهى نوادب
وكنت لها نعم الموفى حقوقها ... إذا كل فكر أو توقف كاتب
وكنت بروض العلم أنضر زهرة ... فذبلها ريح من الحين عاصب
وكنت أديب العصر والجوهر الذى ... تنافس فيه مشرق ومغارب
وكنت بتقوى الله أشرف آخذ ... وأول ساع حيث ترضى المناقب
نشأت على هدى وجد وعفة ... نقى الحلى لم تستملك الملاعب
عكفت على الإصلاح طوعا ولم تقل ... (وللهو منى والخلاعة جانب)
ومالك في غير المعارف رغبة ... ومالك غير الذكر والفكر صاحب
ومت وعند الله أعظم نعمة ... لمن هو في رضوان ربه راغب