وغائبهم وذامهم لا يحصرون ولا يغزون، ولا يطأ أرضهم جيش، ليس عليهم نزل ولا ربط ولا كسح، وعلى من أحب رسول الله أن يؤمنهم لذمة الله وذمة رسوله، ولهم ربط العمائم وأمر على اليهود، ثم لهم بعد هذا ما افترض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة دراهم في الشهر إن كان عليهم مقدرة فمن خالف كتابنا هذا الذي كتبناه لهم، وعهدنا الذي عاهدناهم، فذمتي منه بريئة وأنا بريء منهم، وأنا خصيمهم يوم القيامة فمن خاصمني خاصمته، ومن خاصمته كان في النار وكتب على بن أبي طالب ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - "في جلد أحمر طوله ثلاثون إصبعا وعرضه عشرون وعدد أسطره عشرون.
ومما فيه "شهد الله على ذلك وعتيق ابن أبي قحافة وعبد الرحمن بن عوف والأقرع بن حابس، وكتب معاوية بن أبي سفيان شهادتهم في ذي قعدة سنة تسع من الهجرة والسلام على من اتبع الهدى"
وبعده مقابلات بأصولها على اختلاف الأزمنة المارة بشهادة من باشر ذلك وخطابات من أئمة أعلام باستقلالات إلى سنة اثنتين وأربعين وألف.
وقد أبطل أعيان علماء الوقت هذا الرسم منهم الإِمام سيدي محمَّد بن عبد القادر الفاسي قائلا إنه مخالف لأسلوب السلف وفصاحتهم، ولنهج ذوي التوثيق من المتأخرين وصناعتهم، ومصادم للإجماع، ولما عليه العمل في سائر الأزمنة والبقاع، فإنه - صلى الله عليه وسلم - أوصى بإخراج اليهود من جزيرة العرب من غير استثناء فأجلاهم الفاروق من غير تخصيص، وضربت الجزية عليهم زمن الخلفاء الراشدين كذلك، ولا يجوز اتفاقهم على تضييع حق ولا تهاونهم بتنفيذ عهد عهده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، خصوصا وقد أشهد عليهم الخليفتين أبا بكر وعليا ومن معهما ولاتفاق أئمة الأعصار، وعلماء الأمصار، بعدهم على عهد ذلك وعدم نقله حتى ينقله إلينا بعد ما نيف على ألف ومائة سنة اليهود، إخوان القرود، وأيضًا أحكام أهل الذمة معروفة ملحوظة، والشروط التي عليهم محفوظة منها أن لا يتشبهوا بلباس المسلمين في العمائم ونحوها، وأن يشدوا الزنانير كما ذلك مبسوط في شروط الفاروق رضي الله عنه على نصارى الشام حين صالحهم.