عليه حتى قال: والله لولا أنني كفنته وجهزته ما وجد ما يكفن به فإننا وجدنا في صندوقه الذي وجدنا مفتاحه معلقا عليه ستمائة مثقال، ووجدنا زماما بخطه عليه من الدين ستمائة مثقال فقضينا ذلك الدين بتلك الدراهم فخرج من الدنيا كيوم وضعته أمه مع ما ظفر به من الشهادة. انتهى.
قال فمن سمع هذا وتحققه فليعلم أن من سبقت له السعادة لا يضره شيء، فهذا رجل قد خاض في غمرات الدنيا وقام في مقام مجموع الفتن وقرعة المظالم والسيئات التي تستفز الرجال، وتهد الجبال، ووقف مع الذين قيل إنهم دعاة على أبواب جهنم، فلم يتعلق به من تلك الأدناس شيء وأدرك الفور الذي وقف دونه أطماع السابقين فسبحان المتفضل الكريم، الواسع العلم، ومن تشوق إلى البرهان، على ما ذكرناه يقال له طلبك البرهان على مثل هذا مما لا تقول به أولو العقول والأذهان، فهل رأيت هذا الرجل شيد القصور أو غرس البساتين أو تأصل الأصول أو ادخر الذخائر أو استعد للنوائب كما يفعله من عمر دنياه.
ولم يبال بما تخرب من أخراه، عافانا الله بفضله آمين. انتهى.
وقال: ما نقلت عنه قط مظلمة ارتكبها ولا موبقة تعمدها ولا مسألة خان فيها مخدومه أو لبس عليه فيها أو مضرة كتمها عنه اتباعا ورواه أو موبقة لغيره، كان سلطانه العادل يذكر ذلك عنه ويمدحه به في كثير من المقامات وكانت وزارته ممتدة بطول ولاية سيده نحوا من ثلاثين سنة ولا أظنه فاتته صلاة في جماعة حضرًا وسفرًا ولا يفارقه دلائل الخيرات في قبة كلما وجد فسحة من الأشغال أخرجه وقرأ ما تيسر منه مع ملازمة أوراده وإقامة الرواتب المشروعة هكذا رأيناه.
وأما مباشرته للناس وملاقاة الضعفاء وذوي الحاجات والضرورات فكان أرحم وأرفق بهم من الوالدة بولدها ولا يخاطبهم إلا بالسيادة والتبجيل، وأما أن يقهر أحدا أو يسبه فإنه في البعد الأبعد عن ذلك.