جملة من كتب له بذلك ابن عمنا النقيب قبلي مولاي زيدان ودونك لفظ الكتاب بعد الحمدلة والصلاة:
محبنا الأعز الأرضي نقيب الشرقاء، مولاي زيدان، أمنك الله وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله، وبعد: فموجبه إعلامكم بأن سيدنا المنصور بالله لما نهض من الرباط، في عز وظفر وانبساط، مر بمحلته المنصورة السعيدة في جيوشه وعساكره الموفرة ذات الأعداد العديدة، على قبيلة الشاوية فوجدهم بفضل الله على غاية من الاستقامة مبتهجين بطلعته السعيدة ومن ببلادهم في عز كامل، وحفظ شامل، إلى أن خيم بعين كيسر من بلاد أولاد ابن داود وأقام هنالك مدة في استنشاق أخبار فساد الرحامنة ورئيسهم النحيس بن النجس, فلم تكن إلا مدة يسيرة حتى صار قوادهم القدماء يأتون للحضرة الشريفة ويتلاحق بهم أهل الصلاح الباطني منهم متبرئين من سعيهم في الفساد ومصرحين بأنهم كانوا مجبورين عليه من الفاسد الكبير وشيعته، ومعلنين بالتوبة والإنابة.
وهنالك كانت الأخبار تتوارد بأن المرجفين لا زالوا يستحلون قدوم الجناب الشريف للحور وينكرون ذلك ويحسبونه عظيما وهو عند الله هين، وبإثر ذلك نهض أعزه الله في جيوشه السعيدة ونزل بمحلته المنصورة على ضفة وادي أُم الربيع، في زي بديع، ومكث هنالك أياما قلائل وأذن للمحلة في العبور وبقي هو دام علاه في الساقة إلى أن تكامل العبور، وعبر هو بعدهم في جنده الداخلي وخيم على الضفة الأخرى بتراب الرحامنة، فغشيهم من اليم ما غشيهم, وسقط في يدهم ما كانوا يدبرونه، ولم يسعهم إلا إعطاء يد الانقياد والقدوم للمحلة السعيدة خاضعين متذللين تائبين مصحوبين بالمشايخ والمتجالات والذبائح والعارات، ملتزمين بكل ما يؤمرون به ويشترط عليهم، ولا غرض لهم إلا في الإبقاء على أنفسهم، فوظف عليهم نصره الله أربعمائة ألف ريال وعشرين ألف