للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم نادى بعد الأبطال من خاصة أنواعه يسمى عبد السلام الأشخر وقال له: إنى أريد القبض على الريسولى، وأنه لا في قوم بهذه المأمورية غيرك، وإننى لم أفضى بهذا السر لبشر من خلق الله سواك، ولا يقبل منك عذر فيه بحال، فإن فهت بهذا أو توانيت فيه فإنك تقبض مكانه وتذوق ألم طويل المحن، فأجاب الشرطى بالسمع والطاعة، واختار من أصحابه من يعتمد على إخلاصه وشجاعته وأفضى إليه بما شافهه به العامل، وقال له: إنى إذا حضر الطعام وناولته الطست ومد يده للغسل أسقط عليه وأضمه إلى فإذا رأيتنى فعلت ذلك أدركنى وأعنى فيه فتوافقا على ذلك.

ولما مد الشرطى يده في المسجون قال له: إنه مسجون السلطان فمد يده لجنبه يريد سل سكين كان متأبطا له فنزعه العون الآخر منه وأوثقوا يديه خلف ظهره، وذهبوا به للسجن، وجعلوا عليه السلاسل والأغلال ثم أعلموا العامل بالواقع، فارتاح بذلك وسر به، ثم وجه به سجينا لثغر الصويرة.

وبعد مدة جاء أقاربه وبنو عمه وتطارحوا على الطريس في الشفاعة فيه فأسعف رغبتهم وتشفع فيه للسطان فسرح، ولما رجع لمحله ضاق المتسع بالعامل وشيعته فطلب الانتقال فنقل لعمالة فاس.

وعاث الريسولى وزاد عتوا وفسادا وصار لا يرقب في إنسان إلا ولا ذمة، كم أباد من عائلات وأراق من دماء في سبيل شهواته وأغراضه الشخصية! وأوقد من فتن حبا في الرياسة حتى أهلك البلاد والعباد وأسر (القرونيل مكليل) الحراب الشهير في الدولتين الحسينة والعزيزية ودعا بالملك لنفسه وخطب به على منابر تازروت وما والاها، والتفت حوله الصعاليك وسخفاء العقول وسماسرة الفتن اللذين حبب إليهم تقدير الراحة والسلم العام وصار آونة يجنح للإسبان وأخرى يكون عليهم، وقد تفننت الجرائد والمجلات في نشر تفاصيل أخباره داخل الإيالة المغربية وخارجها فلا حاجة بنا لجلب ذلك وتتبع وقائعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>