ولولا أن رجلا من قبيلة مجاط رق لحاله وأركبه فرسا وألبسه برنسا على وجه العرية لهلك، ولم يأل جهدا في المدافعة عنه.
ثم قصد المترجم خِبَاءِ كَبِيرِ المحلة المخزنية، وهو إذ ذاك الطالب أحمد بن مبارك الشاوى الحاجب في ذلك الحين فلم يجده، وإنما وَجد الطالب إدريس بن منو السوسى نزيل سطات في الحين الحالى، ورد الفرس والبرنس لصاحبه شاكرًا فضله وجزيل إحسانه.
وبعد أن استراح واطمأنت نفسه دخل فاسا على حالة يرثى لها، وقص على السلطان القصص، وذهب لداره يتقلب في أليم الألم، وما قاساه من التنكيل والهوان، ولم يزل يقاسى من ذلك شدة بضعة أيام، والوزير في كل يوم يوجه له عن الأمر السلطانى مرات بترجيع الدراهم التي كان أخذ بقصد إنفاقها في سبيل الإصلاح طبق ما أوضحناه رغمًا عن نهبها له في جملة ما نهب من حوائجه وبهائمه.
وأما أخوه المولى السعيد والكاتب والأثقال، فإن البرابر التفت بهم وقصدت بهم رأس الماء، وبينما هم في أثناء الطريق إذ وجدوا الرسول الذى قدمه المترجم للمتمردين أمامه، فأشار إليهم بخسر المسعى ووخيم العقبى، فلم يجدوا مناصا لحصولهم في شبكة إخوان الشياطين المتمردين المحدقين بهم، فصاروا يضربون الأخماس في الأسداس، ولات حين مناص، وزمر البرابر تلتحق بهم رجالا وركبانا إلى أن أشرفوا على رأس الماء محل تعشيش فسادهم، فوجدوا البقية الباقية في انتظارهم حول الخيام فالتحقوا بإخوانهم المفسدين، ومدوا يد النهب والسلب والضرب، ولما استولوا على جميع ما كان معهم من مال ومتمول تركوهم حفاة عراة كيوم ولدتهم أمهاتهم، غير المولى سعيد فإنهم أبقوا عليه بعض ما يستر عورته، وتفرقوا في رأس الماء شذر مذر، بين خيام البغاة المعتدين، بعد أن