وكان يشترى أمعاء الشاه ويطعمها الكلاب، حيث إن في كل ذى كبد رطبة صدقة، وكان يلبس الثياب الرفيعة الغالية الثمن تارة والخشن الذى لا يلبسه إلا أهل الكد والفلاحين، ويقول لمن رأى من حاله الإنكار عليه: تبدوا واخشوشنوا فإن الرفاهية لا تدوم، وهو حديث نبوى أخرجه أبو الشيخ في السنن وابن شاهين في الصحابة، والطبرانى في الكنى، وعنه أبو نعيم في المعرفة عن القعقاع بن أبى حدرد مرفوعا:"تمعددوا واخشوشنوا واحلولقوا وانتضلوا وامشوا حفاة" ورواه أبو الشيخ والطبرانى في الكبير عن عبد الله بن أبى حدرد مرفوعا وأبو الشيخ عن أبى هريرة والرامهرمزى في الأمثال عن رجل من أسلم، وأبو حفص العكبرى عن بلال بن أبى حدرد.
قال الحافظ السيوطى في الجامع الكبير: الحديث مرسل لأن القعقاع لا صحبة له وفيه عبد الله بن سعيد ضعيف بمرة. انتهى.
ونحوه قول السخاوى مداره على عبد الله بن سعيد، وهو ضعيف.
ومن عجيب أخباره أيضا ما شافهى به الفقيه القاضى أبو العباس أحمد بن يوسف الناصرى وكان من أخص الناس به أن الفقيه السيد العباس الصريدى وكان ممن شارك المترجم في مصاهرة الباشا عبد الله بن أحمد، كان ملازما لذكر بعض الأسماء فبينما هو كذلك ذات يوم وقف جنى أمامه على بعد فأفزعه ذلك باطنا وصار هذا عمل الجنى معه في أوقات الذكر إلا أنه في كل يوم يزداد منه قربا فتحصن الصريدى منه بإدارة الكتب التي عنده بنفسه فلم تغن عنه شيئا وصار الجنى إذا قرب منه نفخ في وجهه فيسقط بعض شعر لحيته فاشتد على الصريدى الأمر في ذلك فذهب لصاحب الترجمة وشكا له ذلك فأمره أن يرجع لمحله وأن يوجه له آنية، ففعل فكتب له في الآنية وأمره بمحوها وأنه إذا حضر الجنى فليملأ فاه من مائها وليمجه أمام الجنى فلما فعل ذلك صار الجنى يضمحل قدامه إلى أن فنى بالكلية واستراح منه الصريدى المذكور.