ثم ظعن السفير لمدينة جنوة ومنها أبحر في مركب حربى خصوصى أعدته الحكومة الاطالية له، وسار ووجهته طنجة، ورافقه إليها باشادورهم بها، وكان دخوله لطنجة في اليوم الرابع عشر من شعبان عام ثلاثة وتسعين مقضى الأوطار، وخلف في مدن أروبا بما أبداه من السياسة وقام به من التبرعات على الجمعيات الخيرية ذكرًا جميلا حفظه التاريخ للمرسل والمرسل بل لسائر الإيالة المغربى.
ثم سافر السفير من طنجة لفاس حيث كان مثوى السلطان إذ ذاك، فأكرم وفادته وقابله بما هو له أهل من التجلة والإكرام، ولما قص عليه قصص سفارته وقرر له كل شاذة وفاذة شكر مسعاه ودعا له بخير، وأمره بالرجوع لطنجة لتتميم المسائل المحال على القناصل والباشادورات القاطنين هنالك في حل مبرمها، ولم يزل بطنجة إلى أن كمل المراد وفق ما يراد حسبما ينبئ عن ذلك جواب الحاجب أبى عمران موسى بن أحمد للسفير على كتابه إليه في القضية ونصه:
"الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.
محبنا الأعز الأرضى وأمين مولانا الناصح الضابط الأحظى السيد الحاج محمد الزبيدى، أمنك الله وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.
وبعد: فقد وصلنا كتابك وعلمنا منه ما آل إليه أمر ضبط الحماية وما حصل في مباشرتها من التيسير، وأن الكلام فيها سيتم في قريب وبينت ما دار بين النواب فيها ومن وقف منهم في أمرها وبذل المجهود في حصرها على القوانين، ومن توقف منهم في تكليف السماسرة على الوجه الذى أشرت إليه، ونبهت على تمام وقوف باشادور النجليز المحب وحسن مباشرته ونصحه، وكذا نائب المركان، وما صدر من الأخير من زيادة التنبيه على أمر الحافر بالأبواب حسبما سطرته وأنهينا