يوم القيامة. الرابع: أن المراد بها سماوات الآخرة وأرضها، قال الله تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ [ابراهيم/ ٤٨] وتلك دائمة لا تزول ولا تفنى، ولأنه لا بد لأهل الجنة ممّا يقلّهم ويظلّهم، إمّا سماء يخلقها الله تعالى، أو العرش، كما جاء في الأخبار، أنّ أهل الجنة تحت ظل العرش، وكل ما أظلك فهو سماء وجاء في الأخبار أيضا في صفة الجنة، أنّ ترابها من زعفران، فدل أنّ لها أرضا والمراد تلك السموات، وتلك الأرض.
فإن قيل: إذا كان المراد بهذا التأقيت دوام الخلود دواما لا آخر له، فكيف صحّ الاستثناء في قوله تعالى:
إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ [الآية ١٠٧] ؟
قلنا: قال الفرّاء: «إلّا» هنا بمعنى «غير» و «سوى» ، فمعناه: خالدين فيها ما دامت السموات والأرض، سوى ما شاء الله تعالى من الخلود والزيادة فكأنه قال: خالدين فيها قدر مدة الدنيا، غير ما شاء الله من الزيادة عليها إلى غير نهاية، وهذا الوجه إنّما يصح إذا كان المراد سموات الدنيا وأرضها.
قال ابن قتيبة: ومثله في الكلام قولك: لأسكّنك في هذه الدار حولا إلا ما شئت، يريد سوى ما شئت أن أزيدك على الحول. الثاني: أنه استثناء لا يفعله كما تقول: لأهجرنّك إلّا أن أرى غير ذلك، وعزمك على هجرانه أبدا، وهو معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما. إلا ما شاء ربّك، وقد شاء أن يخلدوا فيها. قال الزجّاج: وفائدة هذا الاستثناء، إعلامنا أنه، لو شاء سبحانه أن لا يخلّدهم لما خلّدهم، ولكنه ما شاء إلّا خلودهم. الثالث: أنه استثناء لزمان البعث والحشر والوقوف للعرض والحساب، فإنّ الأشقياء والسعداء في ذلك الزمان كلّه، ليسوا في النار ولا في الجنة. الرابع: أن «ما» بمعنى من، والمستثنى من يدخل النار من الموحّدين فيعذّب بقدر ذنوبه، ثم يخرج من النار ويدخل الجنة، وهذا الوجه يختص بالاستثناء من الأشقياء فقط. الخامس: أنّ المستثنى زمان كون أهل الأعراف على الأعراف قبل دخولهم الجنة وهذا الوجه يختص بالاستثناء من السّعداء، لأنهم لم يدخلوا النار لأنّ مصيرهم الى الخلود في الجنة. السادس: أنه استثناء من الخلود في عذاب النار، ومن الخلود في نعيم الجنة الأشقياء لا يخلدون