للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراقي العز وأريت (١) بهم على ثنايا الملك، حتى علت على الأيدي أيديهم ومضت في الخلق بالقبض والبسط أحكامهم، وأما إقامتهم لرسوم الشريعة، وأخذهم بأحكام الملة ونصرهم لدين الله، فقد نقل عنهم منه ما كان ملاكا لعزهم ومقادا إلى سلطانهم، وقد كان للمبرزين من ملوكهم كيوسف بن تاشفين، وعبد المؤمن ويعقوب المريني من الاهتمام بالعلم والجهاد وتشييد المدارس، واختطاط الزوايا وسد الثغور وبذل النفوس في ذات الله، وإنفاق الأموال في سبيل الخير، ومجالسة أهل العلم، وترفيع مكانهم، والوقوف عند حد إشاراتهم، والتعرض لشكوى المتظلمين، وإنصاف الرعايا من العامل والضرب على يد أهل الجور ما شهد لهم بها آثارها الباقية بعدهم، وأما وقوع الخوارق فيهم، وظهور الكاملين في النوع الإنساني من أشخاصهم، فقد كان فيهم من الأولياء المحدثين أهل النفوس القدسية، والعلوم الوهبية، ومن حملة العلم عن التابعين ومن بعدهم من الأئمة كسعيد بن واسول جد بني مدرار ملوك سجلماسة، أدرك التابعين وأخذ عن عكرمة، وكأبي زيد مخلد ابن كيداد (٢) اليفرني الخارج على الشيعة سنة ثنتين وثلاثمائة، وكمنذر بن سعيد قاضي الجماعة بقرطبة المتوفي عام ثلاثة وثمانين وثلاثمائة، وكأبي محمد بن أبي زيد أحد أعلام المغرب، وككبير علماء أنساب البربر سابق بن سليمان وغيرهم من علماء الفنون (٣) هذا ملخص الغرض من كلام ابن خلدون وناهيك به في هذا الباب.

تنبيه: ما سبق عن زروق عن سيدنا عمر في إفريقية لا يعارضه ما أورده غير واحد كالبكري في "المسالك والممالك" وابن الدباغ في "معالم الإيمان" من الأحاديث في فضل إفريقية، لأن تلك الأحاديث لم تصح.


(١) في تاريخ ابن خلدون الذي ينقل عنه المصنف "وأوفت".
(٢) في المطبوع: "كيداء" والمثبت عن ابن خلدون.
(٣) الخبر بطوله لدى ابن خلدون في تاريخه ٦/ ١٠٣ - ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>