نوح إلا أنه لم يعين الواسطة التي يدلون بها إليه وقد سبق بيان واسطتهم في نقل ابن خلدون عن مؤرخ الروم وعن ابن سعيد، وذلك مصرح بأن الروم غير الإفرنج الذين من جملتهم الإفرنسيس.
لكن يشكل على ذلك ظاهر قول الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أنبأني غير واحد عن القاضي نور الدين ابن الصائغ الدمشقي، قال حدثني سيف الدين فليح المنصوري، قال أرسلني الملك المنصور قلاوون إلى ملك المغرب بهدية فأرسلني ملك المغرب إلى ملك الإفرنج في شفاعة فقبلها وعرض على الإقامة عنده فامتنعت، وقال لي لأتحفنك بتحفة سنية، فأخرج لي صندوقًا مصفحًا بذهب فأخرج منه مقلمة ذهب فأخرج مها كتابا قد زالت أكثر حروفه وقد التصقت عليه خرقة حرير فقال: هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر ما زلنا نتوارثه ... إلخ.
ونحوه في عمدة القاري للعيني من غير ذكر سنده فانظر قوله ملك الإفرنج مع قوله هذا كتاب نبيكم إلى جدي ... إلخ، فإنه ظاهر في كون هذا الملك من جنس رعيته الفرنج وخصوصا الفرنسيس منهم لما تقدم عن ابن خلدون من أن فرنسة أعظم ملوك الإفرنجة، انتهى.
فتكون الأفرنجة وخصوصا فرنسا منهم من الروم، إذ لا خلاف أن قيصر الذي قال فيه ملك فرنجة في هذه القضية -إنه جده- من عظماء الروم.
وعلى هذا فما وقع في كتاب سيدنا الجد الأكبر المولى إسماعيل لسلطان فرنسا في حينه وهو لويز الرابع عشر من قوله: أنت من سلالة عظيم الروم الذي كتب له جدنا وسيدنا ... إلخ. وكذا ما وقع له في كتابه لسلطان إنكلترا حيث غاضبه قومه وفر إلى سلطان الفرنسيس من قوله له فيه كما خاطب أي النبي - صلى الله عليه وسلم - قيصر ملك الروم جد هذا الملك الذي لجأت إليه، وأنت مقيم لديه ... إلخ. كلاهما صحيح.