وفي ذلك كله حجة لما كلف قرره بعض محققي مشايخنا في درسه على البخاري من أن هرقل الذي كتب له - صلى الله عليه وسلم - هو جد للدولة الحامية، انتهى.
والحاصل أن الاعتماد على هذا أولى من الاعتماد على ما نقله ابن خلدون في نسب الإفرنج عن مؤرخ الروم، ويعضد ذلك ما جزم به الشيخ فريد وجدي في "دائرة معارفه" من أن فرنسا أصلها من اللاتينيين، انتهى. واللاتينيون هم اللاطينيون وقد سبق أنهم من الروم، ويعضده أيضًا قول ابن أبي زرع في أنيسه أن ملك الفرنسيس الرومي نزل على تونس ليلة خمس وعشرين من ذي الحجة سنة ثمان وستين وستمائة قال: وكانت الروم في أربعين ألف فارس ومائة ألف رام. ومائة ألف راجل، انتهى.
فأنت تراه جعل ملك الفرنسيس روميا وجعل جنده وقومه روما، وإن كان ابن خلدون أشار للجواب عن مثل هذا بقوله وما يسمع في كتب الفتح من ذكر الروم في فتح إفريقية فمن باب التغليب، لأن العرب يومئذ لم يكونوا يعرفون الفرنج وما قاتلوا في الشام إلا الروم فظنوا أنهم هم الغالبون على أمم النصرانية، فإن هرقل هو ملك النصرانية كلها فغلبوا اسم الروم على جميع النصرانية ونقلته الأخبار عن العرب كما هي، فجرجير المقتول عند الفتح من الفرنج وليس من الروم، وكذا الأمة الذين كانوا بإفريقية غالبين على البربر ونازلين بمدنها وحصونها إنما كانوا من الإفرنجة، انتهى.
ولا يتأتى جوابه هذا فيما ذكره ابن أبي زرع لأنه ليس نقلا عن العرب وقد قبل في الاستقصاء ما اعتمده ابن خلدون فالله أعلم.
قال في "الروض": وتقع ورزيغة شرقا من نهر فلفل وبينهما مسافة، وفى ولِوَرْزيغة حارتان قريبتان منها: بنو مروان وبنو غفجوم، وبنو مروان أقرب إليها، وماؤها من وادي ويسلن من أودية مكناسة وبها عيون (١)، انتهى. من خطه.